أرض الأصالة والأخلاق..
ثريا بنت علي الربيعية
الوطن عنوان أمان، ورباط حياة، بل من أجمل النعم وأعظمها، حُبٌ خالصٌ نقش في صدورنا منذ الصغر وتشّربته أرواحنا، وطنٌ استوطن قلوبنا، كتبناه بأقلامنا رسمناه في أحلامنا، عشنا تفاصيله في اخضرار أيامنا، ونراه مزهرا في مستقبل أبنائنا… إنه حضن العزة والكرامة الذي يتسع لجميع أبنائه، ومهما زار الإنسان أماكن وبلدان جميلة، ومهما استنشق هواء جديدا فسيبقى الحنين للوطن قرينا لا يفارقه. ومن هذا المنطلق ليس أي أرض وليس أي وطن إننا نتحدث عن “عُمان ” الأصالة والأخلاق”.
في أكثر من مكان وموقف مرّ علينا حديث نعتز به ونفخر بسماعه ونستمتع بتكراره مقولة عظيمة من نبي الأمة عليه صلوات الله وسلامه عليه: “حديث لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك” صحيح مسلم [2544]، ويكفي أهل عمان شهادة أصدق البشر وشرف ثناء الصادق الأمين على نقاء سجيتهم وأصالة معدنهم. وفي حقيقة الأمر لو تعمقنا في هذه المقولة لأدركنا عمق أثرها في نفس كل عماني منذ القدم، ونراها قد تركت معاني سامية وبصمة باقية عبر الأزمان.
ومن ناحية أخرى يتضح لنا البعد التاريخي الذي يتمثل في أن أخلاق العمانيين وتعاملهم بالحسنى في رحلاتهم التجارية كانت سببا كبيرا من أسباب نشر الإسلام، وترسيخ مبادئه في تلك البقاع التي ارتحلوا إليها للتجارة أو لاكتساب العلم النافع.
ومن المؤكد تتجلى معاني هذا الحديث كلما بعدنا عن هذه البقعة الطيبة وعبرنا خارج أسوار هذا الوطن الطيب، ففي المقابل نجد أصنافا من البشر تتغاير أجناسهم وتختلف بيئاتهم وتتمايز سماتهم وأحوالهم وطبائعهم، علاوة على ذلك تتبين لنا الثغرات والمفارقات في تعامل بعض الشعوب مع بعضهم بعضا، ناهيك عن تعامل بعضهم بالفظاظة وسوء الترحيب لكل غريب على مجتمعاتهم.
كما أنّ هذه المقولة تتجسد في خلق العماني وبشاشته أينما حل وارتحل، أضف إلى ذلك حسن الترحاب لكل زائر الأمر الذي يشهد له القاصي والداني. وفي حقيقة الأمر نرى أنّ الطيبة والهدوء النفسي هي سمة مرافقة للعُمانيين، والشهامة متأصلة في جذورهم كالشجرة الطيبة ثابتة الأصل، تؤتي ثمارها كل حين. من هنا نخلُص إلى أنّ حسن الخلق سجية طبيعية ترسخت في أهل عمان قولاً وفعلاً اعتادوه في حياتهم المجتمعية، ولأجل هذا فإن الصبغة العمانية الأصيلة تطغى باتزان المواقف، وثبات المبادئ سواء أكان على مستوى الأفراد أم الجماعة.
وأخيرا.. حريٌ بكل من يحمل الهوية العمانية أن يعتز بانتمائه لهذه الأرض الطيبة، وهذا يقتضي أن يعطي الصورة المشرقة التزاماً بخلقه، وحفاظاً على هويته الإسلامية. ودامت عُمان وأهلها في عزة ورفعة، وجهةً للأخلاق والقيم.