أيوب ..
مبارك بن سليمان المكدمي
قلمي إليكَ بعثتُ ظرفَ رسالتي
فاسمع لِشعري أو عذابَ حكايةِ
بلِّغ سلامي ثم قبل صاحبي
(أيوب) منْ قد شقَّ دربَ الجنةِ
حقاً طَربتُ فهاجني يوم المنى
يوم اللقاء مذ أقمْنا الحفلةِ
وشَرِبنا شُرْب الصِّدق في غيبوبةٍ
حتى ذهبْنا ثم جاءت صحوتي
ما كنتُ أعلمُ أنها تخطو السما
ألعوبة الأيام تَحملُ مِحنتي
حطت على كَتفي ولستُ أخالها
إلا أتت قسراً تُفجرُ دَمعتي
(أيوبُ) مهلاً ما أقولُ لهم إذا
يوماً أتوني عنكَ يَسألُ إخوتي
من بينهم استوقفتني فجأة
تلكَ العنودُ وقد تهاوت لهجتي
قالت وأين حبيب معطفك الذي
قد كنتَ تدفعُهُ برفقِ محبّةِ؟
ما عادَ يقصدني بشوقٍ جامحٍ
وبدت تصبُّ الخوف فوقي رَعشتيِ
قالت سألتكَ بالذي رفعَ السما
هل حلَّ شيء فيه تُذبح مقلتيِ؟!
فبكيتُ ثم أزحتُ صمتي عنوةً
ماذا أقول سَتنكرينَ إجابتي؟
(أيوبُ) مَن قد جاءَ يَنهلُ عِلْمَكم
اختارهُ الرحمن يا كُلِيتي
ماذا اقترفتُ وأيُ ذنبٍ صغتُه
مِنَ البُكا قسراً تَلاشتْ صحتي؟!
(أيوبُ) حُزني قَد تَعدى حَدَه
يا ليتَ في لَحدِك ألقوا جُثتي
لِمَ قد شددتَ الرَّحلَ عني يا أخي
أنسِيتَ حقي قَبلَ شدِّ الرِحلةِ؟!
أولا يحقُ بأنْ أضُمكَ يا فتى
قَبل المماتِ وقبلَ تركِ دَنِيّةِ؟!
(أيوبُ) يا نِعمَ الأَنِيس بِوِحدتي
والعُقْدة الوسطى لأغلى قِلادةِ
(أيوبُ) يا وَجَعَ الزمان بأَسرِهِ
كم مرّةٍ أضاء نورك شمعتي
يا ذروةَ الأخلاقِ ما من حيلة
إلا الدُعاء بدمعةٍ في الظُلمةِ
أيقنتَ كيف تصوغ دُنياكَ فلم
تمشِ بِقلبكَ خلفَ دربِ اللذةِ
رباهُ رفقاً مَنْ قَضى في عُمره
رغم الإِعاقةِ مُولعٌ بِالطاعةِ
وارْزقه حور العين يوم المحشرِ
أسكنه قصرًا مِنْ قُصور الجنةِ