فعاليات معرض الكتاب .. التحولات الفكرية في سلطنة عُمان والعالم العربي
مسقط – العُمانية
نظمت محافظة جنوب الباطنة ضيف شرف معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ27 اليوم ندوة حول التحولات الفكرية في سلطنة عُمان والعالم العربي ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض بمشاركة الكاتب والباحث عادل بن محمد المعولي والدكتورة رنا بنت حمدان الضويانية.
وفي سياق تعليقه قال المعولي إنه لا توجد تحولاتٌ فكرية عربية راهنة، إنما يُمكن القول: إنّ هناك مُحاولات فكرية سابقة، فعلى سبيل المثال في القرن العشرين، هناك محاولة المُفكر مالك بن نبي، الذي عُدَّ من أعلام الفِكر العربي المُعاصر، حاول تشخيص المشكلات الحضارية، مُستخدمًا بعض المناهج الحديثة في إيصال فِكرته، كعلم النفس، والاجتماع، والتاريخ، وهذه التجربة بَقِيت حبيسة الكُتب والتنظير، مما أدى إلى توقف فكره بعد موته.
ووضح أن في المشرق العربي، وبالتحديد في العراق، كان الدكتور علي الوردي الذي تأثر بمنهج ابن خلدون، مُشخِصًا المجتمع العربي عامةً من خلال كتابه، وعاظُ السلاطين، مُستعينًا بعلمي الاجتماع، والنفس، وبالواقع، وبقيت تجربة الوردي كذلك حبيسةَ الكتب والتنظير، ولم تتحول إلى تيارٍ أو إلى مذهب، وأن القاسم المُشترك بين مالك بن نبي، وعلي الوردي، أنّهما عَالجا الواقع العربي من خلال نظريات عِلمي النفس والاجتماع.
وعرج المعولي إلى تجربة محمد عابد الجابري من المغرب العربي، ونصر حامد أبو زيد من المشرق العربي، فالأول عالجَ موضوعاته بفلسفة ابن رشد، وابن خلدون، وبالنظريات الحديثة، من خلال رُباعية نقد العقل العربي، بهدف إيصالهِ إلى الحداثة والتنوير، مُتناولًا التراث الإسلامي من خلال قراءاتٍ فلسفيةٍ معاصرة، والنظر في تكوين العقل العربي، وبنيتهِ، ونظامهِ السياسي والأخلاقي، لكن تجربته ماتت باكرا ، وفي الوقت ذاتهِ، تصدى له بعض المفكرين من أمثال، محمد أركون من خلال كتابه (نقد نقد العقل العربي)، وعلي حرب، وأدونيس، وطه عبدالرحمن، وفهمي جدعان، وخَصصَ جورج طرابيشي ربع قرن من حياته، لنقد مشروع محمد عابد الجابري. بهذا، تجربة الجابري بقيت حبيسةَ الكتب والتنظير، وإن كانت وأثارت جدلًا في وقتها، لذلك توقفت تجرِبَته عند هذا الحد.
وتطرق المعولي إلى نصر حامد أبو زيد، وما قدمه من نظرية تمثلت في (فلسفة التأويل أو تفسير النص)، وهذه النظرية بدأت تتبلور في كتابات شلير ماخر، ومن ثم هايدجر الذي كان “يصبو بالهرمونيطقا إلى تخطي الميتافيزيقا”، ويُعدّ نصر حامد أبو زيد أول من أدخل هذه النظرية في نقد الخطاب العربي. مع هذا، حاول نصر حامد أبو زيد عِلاج التراث، إلا أن تجربته ماتت قبل موتهِ حسب تعبير المعولي.
وانتقل المعولي إلى تجربة الدكتور حسن حنفي، الذي يممَ تجاه التراث من خلال سلسلةٍ من المؤلفات، كالموقف من التراث القديم، والتراث والتجديد، ودراسات أخرى، اهتمت بشأن النص والنقل، والعقل والنص، والوقع والنص، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة، وبقيت تجربته حبيسة الكتب والتنظير متوقفة عند هذا الحد، وفند المعولي ما قدمه عبد الله العروي، وجورج طرابيشي الذي انقسمت اهتماماتهُ بين الترجمة والتأليف، مهتمًا بشأن الإسلام وتراثه على وجه الخصوص.
وبيّن المعولي إن الفكر العربي توقف عن العمل والإنتاج الحي منذ عام 2000، حين تتبعت حركة الفكر العربي الراهن، فوجدته توقف عن العطاء منذ عشرين عامًا تقريبًا، فأغلب الكُتب التي طُبعت بعد الألفية الثانية، خالية من أي فكر ذي بال.
أما الدكتورة رنا الضويانية فقد تطرقت إلى جذور تاريخ الفكر في عُمان، والذي يشير إلى إعمال العقل في مشكلة ما للتوصل إلى حلها، وعملية التفكير متشابكة ومترابطة مع عوامل أخرى منها: الثقافة، والمجتمع، وتؤثر بها مجموعة من الروابط النفسية، والاجتماعية، والعاطفية، والتي على إثرها يُبنى الفكر، الذي يمثل الهوية الثقافية للإنسان والمرتبطة بتاريخه.
ووضحت الضويانية أن سلطنة عمان عرفت تحولات فكرية على مدى الفترات التاريخية، ترجمت صوره إما برموز تشير إلى محاولات الإنسان لفهم، وربط، وتفسير الظواهر، أو تدل على تكون رؤى ومفاهيم فكرية متعددة، وهذا التطور الفكري الذي عرفته عُمان، ارتبط بتفاعل الإنسان مع مؤثرات المجتمع المختلفة، من عوامل إنسانية وطبيعية، ويسعى من خلالها إلى إيجاد محاولات فهم الكون والآخر، ويهتم الموضوع بطرح العوامل التي أثرت في تشكيل الهوية الفكرية في عُمان، منها: الموقع الجغرافي، إضافة إلى إيضاح أبرز التحولات الفكرية في عمان في فترة التاريخ الحديث.