سر جمال قرية الغضيفة
تقرير- ثريا السنانية
تتسامى نفحات الهواء بجمالها, فهي ليست مجرد قرية بل مدينة متكامله بأكملها ,وقد تساءلت كثيرا عن سر تمسك أهلها بها, على الرغم من هجرة العديد من سكانها إلى المدينة وتتعجب كثيرًا عندما ترى الذين نزحوا يعودون إليها في المناسبات المختلفة كالأعياد ومواسم جني التمور(القيظ), لذا نجد بأن الذي ينتقل من هذه القرية يقوم بترميم منزله التقليدي ويترك أغراضه المنزلية ليعود إليها مرة أخرى متى ما سنحت له الفرصة.
إنها قرية الغضيفة في وادي عاهن التابعة لولاية صحار
بمحافظة شمال الباطنة, تميزت بجبالها الشامخة والأرض الخصبة ومزارعها الشاسعة وهي قرية سياحية ومقصد للزوار والإعلاميين, إنها نموذج لعمار الإنسان العماني منذ القدم وتغلبه على الصعاب, أهلها متمسكًين بالتراث والعادات والتقاليد, هذه القرية ذات التعداد السكاني المتوسط, ومنازلها التي تلاصقت جدرانها بالمنازل الأخرى والطرقات المرصوفة بالحجارة, لا أنسى ذلك المنظر الرائع حين تجتمع النساء على قهوة الصباح ,وبرزة المساء مع العائلة مع كوب الشاي , وأصوات الأطفال وهم يلعبون مع بعضهم بعض الألعاب الشعبية, والتمتع بمذاق الأكلات الشعبية كالهريس والسحناة,المعصود, والعصيدة, وخبز ( البر ) العماني التي أنتجته أرض القرية وبعض الوجبات الموسمية والتي ينتظرها أهل القرية بكل شغف والتي تأتي في المواسم التي تهطل بها الأمطار كالسيداف,والغيض و الحماض, وشربة البر وقرص الجمر والذرة المشوية ولهذا السبب فان المواسم التي تمر على القرية هذه القرية يستمتع بها الكبار قبل الصغار من جمال مواسمها.
وعند هطول الأمطار ونزول الأودية فأن كثيرا من سكان القرية يغتنمون الفرصة لصيد ما يعرف (بالصد) وذلك بوضع شبك الصيد والذي يطلق عليه محليا اسم ( الزفنة) ويا لجمال مذاقه عند تناوله حيث تقوم الأمهات بمزجه بطحين البر العماني وإضافة القليل من البقدونس والكركم والبهارات ثم عجنه على ما يسمى بالطوبج وعصر الليمون عليه, ولا تقتصر متعة الصيد على سكان القرية فقط بل يقصدها الكثير من المناطق الأخرى وحتى من الدول الخليجية لممارسة هذه الهواية والاستمتاع بمناظرها الجميلة والخلابة
وما أجمل ليالي الشتاء المحملة بنسمات البرد والتي يوقد فيها النار للتدفئة وصنع الخبز أو ما يعرف بالقرص على الجمر ويلتف الناس حول بعضهم مع احاديث وشجون قصص وحكايات الماضي
تميز أهل هذه القرية بالكرم والنخوة فقد كانت القرية حصنا للدفاع عن الاعتداء فيما مضى وهناك اثأر من القلاع والحصون شاهدة على ذلك ، كما أعتمد اغلب سكان القرية على ذاتهم واعتمدوا على انفسهم لطلب الرزق، حيث كانت المنطقة وعرة جدًا وكان الوصول إليها صعب جدًا وكان أهلها يسافرون إلى المدن لطلب العلم, والرزق , وع ذلك لم يمنعهم البعد من تعمير القرية وسعوا لشق الطرق الهيا الطريق ما بين الجبال, وقد بنوا السبلة الجماعة والتي كانت بمثابة بيت للشورى والاجتماع كان سكان القرية يهتمون بالزراعة كثيرا, ففي فصل الخريف يزرعون الحرية بفتح الحاء أو ما يسمى بالغشمر بتشديد الميم ثم يأتي زراعة البر (القمح), وفي فصل الشتاء يزرعون الذرة و بعض الخضروات كالفجل والجلجلان والبقدونس والطماطم والبصل والثوم والخس والجرجير والباذنجان والزهرة والبروكلي والجزر والبطاطا ثم في فصل الربيع تنبت النخيل وموسم الليمون والمانجو (الهمبا) وفي فصل الصيف يأتي موسم العنب وحصاد النخيل (يتكاتف أهل القرية ويتساعدون مع بعضهم في عملية حصاد التمر) وفي عهد السلطان قابوس طيب الله ثراه رصفت الطرق وادخلت الكهرباء وأوصلت المياه إلى المنازل وادخلت شبكة الاتصالات.
فأجتمع إشراقات الحاضر بأصالة الماضي ليبرز لوحة فنية رائعة.