2024
Adsense
مقالات صحفية

أصغر مكونات المادة

أحمد بن سلطان الخروصي

كلّ الأشياء التي نراها عادةً في حياتنا، مثل الجمادات والنباتات والحيوانات والإنسان، تتكوّن من مواد مختلفة – لا ريب أن الإنسان والكائنات الحية ليست مجرد مواد فقط، ولكن الحديث هنا يقتصر على المواد التي تتكون منها هذه الأشياء – وكل المواد تتكون من ذرّات مختلفة ترتّب في جدولٍ يُعرف بالجدول الدوريّ للعناصر، والذرّة عموماً تتكون من نواة ومجموعة من الجسيمات حول النواة تسمى الإلكترونات، وهي جسيمات سالبة الشحنة الكهربائية، والنواة جسم في مركز الذرّة، ويتكون من نوعين من الجسيمات تُسمّى البروتونات والنيوترونات، فأما البروتون فهو جسم موجب الشحنة الكهربائية، وأما النيوترون فهو جسم غير مشحون كهربائياً، وكلاهما جسم مركّب -بخلاف الإلكترون- من جسيمات أساسية -أو أولية- أخرى، والجسم أو الجزيء الأساسيّ هو ذلك الجسم الذي لا يتكون من شيء أصغر منه حجماً.
وقد يظنّ ظانٌّ أن حجم الذرّة قريب من حجم النواة، ولكننا إذا نظرنا إلى أبسط الذرات على الإطلاق، وهي ذرة الهيدروجين، لوجدنا أن نواتها -التي تتكون من بروتون واحد فقط- أصغر من حجمها ب60,000 مرة تقريباً.
الجسيمات الأساسية التي يتكون منها البروتون أو النيترون تسمى بالكواركات، وهي جسيمات محبوسة داخل البروتون أو النيوترون بواسطة قوة تُعرف بالقوة النووية القوية. تنتقل هذه القوة بين الكواركات بواسطة جزيئات أساسية أخرى تعرف بالغلوونات.
وثمّة قوىً أخرى في الطبيعة مثل قوة الجاذبية والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية، فأما قوة الجاذبية فهي معروفة، وأما القوة النووية الضعيفة فهي قوة مسؤولة عن الانحلال النوويّ الذي يحدث لبعض الجزيئات غير المستقرة، والتي تتحول بواسطة هذه القوة إلى جزيئات أخرى، والجزيئات التي تحمل هذه القوة هي البوزوناتZ و W، وأما القوة الكهروميغناطيسة فهي القوة المسؤولة، على سبيل المثال عن التنافر المغناطيسي للأقطاب المغناطيسية المتماثلة، وتحملها جزيئات أساسية تسمى بالفوتونات، والفوتونات هي الجزيئات التي يتكون منها الضوء.
وهناك ستة أنواع من الكواركات، وهي القمّيّ والقعريّ والساحر والغريب والعُلويّ والسفلي، وهذه مجرد أسماء، والمهم أنها تختلف في خواصّها، ومن هذه الخواصّ على سبيل المثال: الكتلة والشحنة الكهربائية وخاصية تُعرف بالدوران. وثمة جسيمات أخرى لا تدخل في تكوين المادّة أساساً، ومنها جزيئات تسمى بالنيوترينوات، وهي جسيمات أساسية لا تمتلك شحنة كهربائية وهي قليلة التفاعل مع الجزيئات الأخرى، وهناك ثلاثة أنواع من نيوترينوات، وهي الإلكترون نيوترينو والميوون نيوترينو والتاو نيوترينو. هذا، وهناك جزيئات أخرى، وهي التاو والميوون، وهي جزيئات تشبه الإلكترون في خواصّها إلا أن كتلتها أكبر من كتلة الإلكترون، وهذه أيضاً لا تدخل في تكوين المادة.
ومع كَون كثير من الجزيئات الأساسية لا تدخل في تكوين المادة إلا أنها موجودة وتُدرس في التجارب الفيزيائية، ومن هذه التجارب الجهاز الموجود تحت الأرض في سويسرا وفرنسا والذي يبلغ طوله 27 كم واسمه مصادم الهدرونات الكبير (LHC) التابع للمنظمة الأوروبية للبحوث النووية (CERN). يستخدم العلماء هذا الجهاز لدراسة الجزيئات الأساسية التي تتكون نتيجة لتصادم جزيئات أخرى وتصل سرعة هذه الجزيئات قبل التصادم إلى سرعة قريبة جداً من سرعة الضوء.
ولكل جزيء أساسيّ من المادة هنالك جُزيء آخر مطابق له في الخواصّ سوى الشحنة الكهربائية، وهذه النسخة من الجزيئات تسمى بالمادة المضادة، على سبيل المثال: الجزيء المضادّ للإلكترون يسمى بالبوزيترون وكتلته نفس كتلة الإلكترون إلا أن شحنته عكس شحنة الإلكترون، أي أنه موجب الشحنة الكهربائية. وعند التقاء جُزيء من المادة بزوجه من المادة المضادة، يفنى كِلا الجزيئين ويتحولان إلى طاقة على صورة فوتونات.
هذا، والعلم التجريبي الحديث يشير إلى أن أغلب مكونات الكَون ليست من الجزيئات التي تَقدم ذكرها وإنما هي من شيئين آخرين يُعرفان بالطاقة المظلمة والمادة المظلمة، وكلاهما موضوع ما يزال يُدرس ولم يُفهم بعد، والحمد لله رب العالمين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights