موضوع ثان..
شريفة بنت راشد القطيطية
تناسيت كل ما خبأته ذاتي ولم أتوصل لأي تقدم، وتخليت عن الوجع والألم وكل همس كان يرقص في القلب، وحولني إلى فراشات تتبع النور لحتفها، وتخليت عن الغيم والعشق والفارس الذي يمتطي حصانا أبيض بجناحين من نور، وقررت السرور !، أدهشت خفقات قلبي التي بعثتها في رحلة لجزيرة الأحلام، وأهدرت ما تبقى من الوجد وعذبت الدموع، وأقسمت أن أكسر ظهر الوله، ورسمت لحياتي اتجاها ٱخر كان بالإمكان أن يخطئ ويقصف أحلامي ويبعثرها في الهواء، ولكن كان للهواء حكاية أخرى وموضوع ثان أخاف بعثرة السنين، ووضع عينه في عين التحدي، وأنبت تنفسا هدنة وترويا، وغيرت الخطة إلى انبعاث وثبات.
قررت أن أبقي تمردي؛ حيث كان زاهيا على مر السنين، واشتريت بعض العنفوان، وأيقظت بقايا امرأة استثنائية تعودت من فرط الحكمة حياكة سترة للبقاء في صقيع الحياة، وعلقت كل العصيان على الجدران، واختبأت أقتنص الفرص لاغتيال إحباط قد يتمشى في أرجاء البيت في أي لحظة، ويعود يسرق إنتاجي في رحم الغرور، الأرحام تحمل المعجزات وعقلي يحمل الحكمة، وتبطل الوضوء إذا بدات عصبيتي تلحن لك عثراتك المتعددة.
يظل الإنسان عابثا بأحواله، ويحاول التغلب على المحن، ويسافر بأقداره طالبا العفو والغفران، وبيني وبين الغيم حكايات لا يعرفها إلا قلبي، يتذكر متى أعلنت العشق، وعشت التعلق وٱذيت نفسي، وتعديت على حرية مشاعري وأجبرتها أن تحارب من أجل سراب، فمررت بقبائل الوجد التى لا تنام، وقصصت عليهم حكايتي، وعدت للسراب وأبكيته حتى تلاشى هاربا من وهج عواطفي وإخماد حرائقي، الكبرياء أخيرا قرر الاغتسال، وسال فيضه خضابا، ونقش على الخدر لوحة حلم بدأت شمسه تشرق وتشق غبار السنين والأنين، ضعفت فنام التمرد من حلاوة قيلولة، وصحوت على عصرية صيف يهطل إشراقا، وينقل الجواري في سفن الرياحين إلى حيث القلوب أسرى في زمن العبادة، وطوق العشق يُلبس رغم أنف الجميع.
أيقنت أن التدخل في مشاعر الآخرين إكراه باليقين الذي ينسجه خيالك، ولا يلتفت إليك المتضررون من نعاس وقمر، مهما تألمت وكنت صادقا لأبعد مدى، ستكون أنت الخاسر الوحيد وشهيدا عطلا في القلب، ستكون بين أحداثك وبين أحداقك قصة سجين لم يرتكب الجريمة التي سجن من أجلها، وأعود مكبلة بالذكريات، وأستغرق مليون نبضة لأحصل على جواز العبور الذي قد يسحق هوية الحالمة، ويبدأ لمراسم تشييع الرؤى والكتمان، وأُدخل نفسي موضوعا ثانيا لن يتكرر فيه العبث بالشرايين والنبض والغيم، سأكون في معايشة الرضا والدعاء، ويكون موضوعي نقطة ومن أول السطر، وأباشر ملاطفة الحروف دون خوف؛ لأنها ستكون بداية لطريق لن أعود منه إلا برحمة الله عليها.