2024
Adsense
مقالات صحفية

المدرسة حياة أزمة التعليم بين الصّدمة والتعلّم

د. محمد بن أحمد البرواني
محمد للاستشارات الإدارية والتربوية
alnigim@gmail.com

تحدثتُ في مقالٍ سابقٍ عن أن أزمات التعليم لا تقف عند حدٍّ معيّن، سواء نتيجة الهجرة الداخلية أو الاختيار في كوادر صُنّاع القرار ومتّخذيه، طالما أن صُنع القرار واتخاذه يعاني من الخلل؛ وذلك لقلة التزام متخذ القرار بذلك، بالإضافة إلى عدم مراعاته حالة المجتمع وعاداته وتقاليده، ومدى معرفته أو دراسته للمستقبل، سواء كان من خلال البيانات أو المعطيات؛ لأن ذلك يترتب عليه الكثير من الأمور التي ترتبط بالمال والاختيار والهدر، ولو تتبّعنا مجالات تطوير التعليم فيما يتعلق بالموارد البشرية في جزئية استحداث الوظائف، فإننا سنجد أنّ إشكاليات استحداث الوظائف قد تمّ صنع القرار فيها وتمّ اتخاذه على استحداث مجموعة من الوظائف في المنظمات التعليمية في مجتمعاتنا؛ إلا أنّ تلك الاستحداثات ما لبثت غير يسير، ثم بدأت بعضها في التلاشي رويداً رويداً حتى أصبحت بعض المنظمات بدون ذلك؛ مما سبب إشكالات عديدة تتمثل في:
أزمة زيادة الطلاب، وقلة وجود الوظائف المساندة والمستحدثة سابقاً؛ ومن ثمَّ قلة عدد الكادر الإداري الذي عمل على زيادة الضغوط على مدير المدرسة، وخاصة الضغوط الإدارية ومتطلبات العمل الإداري بشكله الواسع في المنظمة التعليمية.

إن زيادة الضغوط وتمركزها في شخصية المدير وعدم وجود الفريق المتكامل الذي يعمل على تقديم العون له من خلال توزيع المهام والأدوار نتيجة ارتباط المعلمين بإشكاليات زيادة الحصص وقلة الاستفادة منهم في فرق العمل، ساعد على انهماك مدير المدرسة في دوره الإداري بشكل كبير، وتقهقره في العمل بمهاراته الإدارية، وبُعده بشكل أوسع عن مهارات الإشراف ومتابعة التعليم والتعلم وتطويره؛ حيث إنّ متابعة التعليم والتعلّم وتطوير المعلمين من خلال الإنماء المهنيّ، ومتابعة أثره تُعد من أهم الأمور التي يجب أن يُعنى بها أشدّ الاعتناء في عالم متسارع ومتغيّر، بل يجب على القائمين على التعليم في مجتمعاتنا أن ينقلوا الإشراف من المركز أو في الإدارات الوسطى ووضعه في الإدارة التنفيذية في منظمات التعليم والتعلّم لتكون وظيفة مستحدثة تعمل على تحقيق التطوير المستمر واللازم للمعلمين، وخاصة في مجالات الاستفادة من طرائق التدريس وأساليبه التي يجب أن تطبّق بشكلٍ دقيق وفق متابعة دقيقة ومستمرة؛ لأن ذلك بكل تأكيد سيعمل على رفع كفاءة المعلمين، ما يعود بالنفع على الطلبة بشكل إيجابي، ويساعد في تقدّم التعليم وتطوّره وزيادة ارتفاع مهارات الطلبة، ومن ثمَّ تحقيق الغايات والوصول إلى مصافّ الأمم المتقدمة في التعليم.

إن التحديات التي تواجه صانعي القرار واتخاذه من القائمين على التعليم في مجتمعاتنا لجدير بالاهتمام والعمل على تلافيه؛ لأن مسألة استحداث الوظائف وتلاشيها يعدّ سبيلاً للهدر، سواء في الطاقات التي تمّ تأهيلها، ثم تغييرها لوظائف أخرى، ثم انتقالها إلى وظائف أخرى سواء في نفس المنظمة أو في أماكن أخرى دون تسكين غيرهم لشغل وظائفهم، أو في المال أو زيادة الضغوط، وقلة تحقيق الرؤى والغايات، ستعمل بلا شك على وجود أزمة يضطر بعدها القائمون على التعليم لاستحداثها مرة أخرى نتيجة للزيادة السكانية، وزيادة حاجات الطلبة ورغباتهم وتنوع احتياجاتهم المهارية المستقبلية والحالية الناتجة عن التطور التقني والتعليمي المتسارع في عالمنا المعاصر، وقد تكون هناك حاجات أخرى يستدعيها الوضع الراهن والمستقبلي، كالتوّجه إلى الثورة الصناعية الرابعة، وإلى مجالات أخرى بدأت تظهر ملامحها خلال هذه الفترة؛ مما يتطلب الاستعداد وصنع القرار بطريقة صحيحة تراعي جوانب التقدّم، وتؤطّر لمرحلة المستقبل، آخذةً بالقيَم والمبادئ والأعراف الإسلامية الصحيحة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights