عضدك الأقربون
سليمان بن حمد العامري
إن رابطة الأخوة ليست بالاسم كما يظن البعض؛ فرابطة الأخوة هي علاقة متينة جُمعت في حبلٍ متين، وخرجت بدم واحد، كما وصفها الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. رواه مسلم.
وجدير بالذكر أن التعاليم الإسلامية قد حرصت أشد الحرص على صلة الأرحام والتماسك بينهم في الشدة والرخاء؛ إلا إنه على الرغم من توصيات الرسول الكريم والنبي العظيم محمد -صلى الله عليه وسلم- وهدي القرآن إلا أننا قد لاحظنا بأن هناك العديد بات يكره الأقارب والأرحام بشكل عام، ويصفونهم بالعقارب؛ فيرددون مثل “الأقارب عقارب”، ومنهم من أراد تحرير الأسر والنساء مدعيًا بأن هذا هو الظلم الأكيد ومما يجب عليه هو الانفتاح الذي يذود عن الفطرة الإنسانية والتي لا يتقبلها العاقل في مجتمع يعيش على الفطرة السليمة، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن هناك حرب من نوع ممنهج ومُعد لمحاربة الأمة الإسلامية في فطرتهم السوية وعقيدتهم المبنية على أسس مستمدة وثابتة من القرآن والسنة النبوية؛ ولهذا عندما لم يستطيعوا على تغييرها بالحروب الدموية، كان الأقرب إليهم هم ضعاف النفوس الذين تذبذبت قلوبهم بين العقيدة الثابتة وبين أن يكونوا من جند إبليس اللعين.
وهناك كما أسلفت العديد ممن أرادوا تغييره، ولا يسعني ذكر الكل في مقالة واحدة لأهمية الموضوع الذي يجب على كل مسلم أن يُذّكِر أخاه المسلم بأن العضد هم أهلك؛ ولهذا أردت التطرق له، والقول بأن هناك من لا يريد من الأقارب أن يشاركوه في أفراحه ومسراته، ولربما حتى في أتراحه وأحزانه، والعجيب أن هناك من يعتبر الأقارب هم أسوأ شيء في هذه الحياة! وفي مقابل ذلك، عندما أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى بأن يذهب إلى فرعون وكان ينتاب سيدنا موسى شيء من الخوف، فقال الله تعالى في محكم كتابه: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)- سورة القصص).
وجعل له أخاه يستمد منه القوة والأمان، وبالرغم من إن سيدنا هارون أصغر عمرًا ولم يكن بالقوة التي عُرف بها موسى عليه السلام. نعم، هكذا هم الإخوان فلا يستند الإنسان إلا على الأقربين، يسندونك في الدنيا ويكونون سببًا من أسباب دخول الجنة.
واستخلاصًا مما سلف؛ من أراد الجنان فليتبع أمر الرحمن، وليصل رحمه وليكن بارًا بوالديه، رحيمًا بأقاربه، زائرًا للمرضى، عطوفًا على الصغار، موقرًا الكبار. قال قيس بن عاصم:
أخاك أخاك إن من لا أخا له … كساع إلى الهيجا بغير سلاح
وإن ابن عم المرء فاعلم جناحه … وهل ينهض البازي بغير جناح.
وقال محمد بن عمران الضبي:
وما المرء إلا بإخوانه * كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة * ولا خير في الساعد الأجذم