2024
Adsense
مقالات صحفية

أزمة الشعر، أزمة إبداع أم أزمة تلقٍّ؟

 أ. محمد السيد توفيق

إن المتأمّل في حال الشعر العربيّ في عصرنا، تستوقفه عدّة محطّات، منها:
-هل أزمة الشعر الآن أزمة إبداعٍ وإنتاجٍ ثريّ مُتقن أمْ أزمة تلقٍّ؟
-هل صار الشعر بضاعةً كاسدةً لا تلقى الرواج المطلوب الذي يؤهلها للارتقاء بشاعرٍ مبدعٍ راعى التأصيل والحفاظ على معالم لغته؟
-هل انشغل الناس بهموم حياتهم عن الاهتمام بالأدب عموماً بما فيه الإبداع الشعريّ؟
-هل اللغة التي يستخدمها بعض المبدعين صالحة ليُقال في حقّها ما يُقال من عبارات الثناء والإطراء وكذا إبداع التصوير وقوّة المعنى والبناء الشعريّ الرصين؟
-هل هناك مساحة مناسبة في تغطية الإعلام الثقافيّ لهذا الفنّ الأصيل أم ضاقت مساحته مقابل غيره من الفنون؟
والحقيقة الجليّة أن كل ذلك اجتمع على الشعر كإخوة يوسف، فألقاهُ في هوّةٍ سحيقةٍ عميقة، فصار ينتظر السيّارة ليستخرجوه، لكنْ دون شرائه أو اشترائه أو حتى عرضه في سوق النخاسة، ودون جناية امرأة العزيز في حقّه، وإن كان في حاجة لاهتمامها ورعايتها.

إن أزمة الشعر أزمة ثقافة، بل أزمة يزكّيها التوجّه إلى الحصول على المعلومة السريعة دون إرهاق نفس أو مشقّة طريق. أزمةٌ يعزّزها التعبير عن الفكرة بأية لغة تصِل للمتلقّي الذي لا يجد لديه شغف إرهاق النفس بالغَوص في معجمٍ أو كتابٍ أو حتى الاتجاه لمحركات البحث الإلكتروني لإثراء عقله وتنمية فكره، فصارت العامّية بلهجاتها الممتدة مناط إبداعٍ يُقال له: شعر، وإن كان لا ينكر على صاحبه دون إطلاق اسم الشعر عليه.
وخلاصة القول:

إذا أردنا عودة الشعر لقوته وجبروته القديم فعلينا التمسّك بأصوله مهما كلّفنا ذلك من مشقّةٍ أو تعبٍ أو وعثاء طريق، حفاظاً على ثروتنا من إرثٍ لغويٍّ لا يُوزن بمثاقيل الذهب، وأن يكون الإبداع لأجل الإبداع والتعبير عن النفس وآمالها أكثر من بثّ آلامها، ويلزمنا كذلك الغَوص في ثقافتنا الضاربة بجذورها في أعماق الفِكر المستنير، والحضارة التي علّمت العالم، وعدم إغفال مستجدّات العصر التي لا تتصادم أبداً مع فكرنا العربيّ النبيل إذا أحسنّا فهمهُ وأتقنّا الإمساك بزمامه دون انحرافٍ أو انجرافٍ نحو سفاسف لا طائل وراءها ولا فائدة تُرجى إلا استهلاك الوقت، ونشوة الترفيه الزائف الذى يزول بزوال مصدره.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights