2024
Adsense
مقالات صحفية

الداية

مريم شملان

كانت ليلة ماطرة حالكة السواد، شديدة البرودة، طارقٌ على الباب وكأنه يأتي من بعيد، يشتد الطرقْ ويعلوُ الصوت يُنادي، يأتيني من الخارجّ كأنه الحُلم، ما زلت أسمع الطرق بشدة، والنِداء يأتي
من بعيد بين الحُلم والحقيقة، رفعت لبرهة رأسي للتأكد من حقيقة طرق الباب والنداء، ربما يكون حُلمًا، عُدت إلى النوم ما إن وضَعت رأسي، أسمع النداء والطرقً الشديد على الباب، أجبت بصوت هادئ “زين زين يالله جايه” أخذت شالي لأقي نفسي البرد وهممت بالخروج من” الكرين أتلمس الطريق بالفنر حتى وصلت وفتحت الباب، وإذا بسيدتين لسنَ من أهل البلدة و لم أرهُمْا من قبل، ولَسنَ من المناطق المجاورة يَطلبن مني الذهاب برفقتهن لأمر طارئ ، أجبتهن إن شاء الله، فقط سآتي بالصرة وأغلق الباب، ينتظرنني بالخارج وأنا الريبة تخنق أنفاسي، أخذت الصرة التي بها ما أُريد للتوليد ، وأخذت ؛ الفنر؛ معي حتى أرى به الطريق عند العودة، وخرجت وتقدمن بخطوات سريعة رأيت منهن العجلة بالسير، ويطلبن مني ذلك ، وإذا بي أصل إلى مَكان لا عِلمْ لي به وإذا بشجرة كبيرة من أشجار “السَمْر” اتخذوها كالخيمة وقد أَوقدوا نارًا تحتها، إحداهن تُريني أين تُوجد التي أُتيت من أجلها وهي تعاني آلام الطَلق والمُخاض، أقتربت منها وقد أخذت موضع المُعالج ورأيت أنني لابد أن أُنهي مهمتي بأسرع وقت فهذا واجبي، استمر الحال لوقت طويل وقد بارك الله لَهُنْ بمولود، وعَملت ما يلزم في تدفئته وتدفئت الأم، عندها كنت قد أنهيت مهمتي وجمعت ما كان من أمري وهممت بالاستئذان بالعودة إلى المنزل، ولكن بادرتني إحداهن بطلب وهو أن يَقمنَ في بيتي، وأخبرتني بإننا عابرون ولنا رغبة في البقاء معك ليومين حتى تستعيد أُختنا عافيتها، وافقت على ما طلبت بشرط أن نعود صباحاً إلى البيت، فأخذت لي مكان قريب من الدفء وحرارة الموقد، فأخذ النوم مني مأخذ حتى بزوغ الفجر، وبذلك الوقت شعرت من حولي وقد أشتدت الحركة في حَمل المَتاع وإعداد ما سنشربه من قهوة ونأكله من طعام، جمعوا ما لهُن وحملوه على رؤسهن والفتاة ووليدها على ظهر دابة للركوب، عائدون إلى منزلي ليقضوا معي أيامًا طلبوها حتى يتحسن حال الجو ويعمْ الدفء ويتوقف المطر ، ونحن نمضي بخُطى سريعة بدأت الكُبرى بالحديث أنها ابنتي وتشير بِإصبعها إلى الفتاة التي أنجبت المولود ليلة البارحة ، وتستمر بالإشارة إلى التي خلفنا إنها عصا الزمان التي أتكئ عليها عَرفت فيما بعد إنها ابنتها الكبرى، تَعجبت من القول ولم أجبْ، استمرت خَطواتنا بالعودة إلى منزلي ولم نتحدث طوال الطريق، رَحبت بهكذا رأي وهيأت لهُنْ مكان ليقضين معي أيامًا من عَناء ما وجدن من مشقة الليالي التي سَبقت والطريق الذي أَتن منه وعصا الزمان تساعدبجلبْ الماء وتجهيز الطعام فهي لا تتحدث كثيراً صامتة، ليلتان مضت ونحن في مكان واحد ، لم نفتح للحديث بابًا، إلا الليلة الثالثة بعد العشاء قد أقتربت مني الأم البدوية ذات الشكيمة والقوة، وقالت نرجو أن تسامحينا لقد أثقلنا عليك ثلاث ليالٍ فللرحيل طريق وللعودة دار تنتظر قدومنا، تنظر إلى ابنتها “الموكاب” أسمتها مازحة بين الجد والهزل تقول ذلك وتردد………….
داري عويد الخضرة
ناقض ع قمة وادي
يورد… ..غزال القفرة
مرباه …… فالبوادي
بسكنْ جبل و لحفرة
وبنسى قول العوادي
بزرع. ….معاكم بذرة
ياسن وعود الكاذي

تجمعن حول موقد النار للتدفئة
بين الحين والحين تتحدث إحداهن للتذكير ماذا سيفعلن الصباح وتجهيز أمتعة الرحيل، وبين بكاء الرضيع ومساعدة الفتاة وجلوسهن بقربها وحمل الرضيع لإسكاته من البكاء والهمس بحديثهن قد أخذني النوم حتى استيقظت الفجر على بكاء الطفل، و لم أجد سوى الرضيع بجواري، ولم أجد النسوة حولي، خرجت مسرعة أتأكد من عدم ذهابهن، لكنني لم أجد أحد عُدت مسرعة، أحمل الطفل لأتتبع خُطاهن وأَثرهن، رغم أن الليل ما زال يسدل سواده على تلك البلدة والشمس لم تستيقظْ بعد ولكن أدركت أن الطريق الطويل لن يعود بمن ذهب عليه، تاركا ماهو أعز ما يكون لدى الأم، والجدة، والخالة، وقد أدركت بإن الطفل الذي هو الآن عندي، غير مرغوب فيه فأخذته إلى من يحتويه ويكون له سند بهذي الحياة،،،،،،،
يا خويتي. . كلن فقلبه شايل
ما شي شراهه. بيننا وعتاب
كل الذي قد .بدنا والحاصل
مرن مزايد ….والصبر .ذواب
دار الوقت والعمر حده واصل
والصدق منا.. ومنٌهم كذاب
أعرف محبي ولا أروم أجامل
وأعرف عدوي وأحذره إن غاب
كلن سعى باغي ….وماله طايل
وحدن هلك….. نفسه وماله باب
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
-الفنر….السراج
_1″الكرين”هو مبنى من سعف وجذوع النخيل مُتسع يتميز بسقفه المنحدر من الجانبين ..
2- “الموكاب” هو عامود من الخشب يوضع لاجتناب ما آل للسقوط.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights