وَحْدة في لُعْبة
د. محمد عزيز عبد المقصود
أستاذ لغويات مساعد بكلية اللغة العربية
جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية ماليزيا
الإيميل /mohamedaziz@unishams.edu.my
mohammadaziz1974@yahoo.com
لا شك أن ممارسة الرياضة أمر مهم في حياتنا، وتتنوع تلك الممارسات حسب ميول الأشخاص وقدراتهم، وكم من فوائد جمة تعود على من يمارسها بطريقة صحيحة! وكثيرا ما نسمع نصائح من الاختصاصيين بضرورة اختيار نوع من الرياضة والعمل على الانتظام في ممارسته، وبخاصة في هذا الوقت مع التطور التكنولوجي وتوفير كافة سبل الراحة للإنسان التي تبعده عن الاهتمام بصحته، وبناء نفسه.
ونحن في حياتنا مطالبون بالمحافظة على أبداننا من خلال تقويتها وبنائها بناء قويما يساعدنا في أداء التكليفات المنوطة بنا، ويسعى كل منا إلى أن يبذل قصارى جهده في بناء نفسه ولو بالقليل من خلال متنفَّس رياضي يكون سدا منيعا في التخفيف من أمراض وآلام قد تنتابنا حينا بعد حين، ويكون علاجها الفعّال والسريع والبنّاء في ممارسة رياضة ليس في دواء نتناوله فقط، ونكتفي به، فكم من مرضى أصبحوا أصِحّاء بفضل ممارسة رياضة، وتلاشت أمراضهم بلا دواء!
وقد باتت ليلة الأمس من أسعد ليالينا؛ حيث فاز منتخب المغرب الشقيق على منتخب البرتغال، وتأهل للدور نصف نهائي المونديال، ونتمنى له كل التوفيق والسداد في لقائه مع منتخب فرنسا.
ولم يقف الأمر عند مشاهدة مباراة كرة قدم فقط بل تعدّاه إلى أبعد من ذلك؛ حيث إن القلوب تجمّعت، ورفعت أكفّ الضّراعة لربها ودعت أن يوفق منتخبنا المغربي في تحقيق الفوز والانتصار، وهذا السلوك الجميل الذي ظهر من ملايين العرب أكّد أن الأمر ليس -فقط- في مشاهدة مباراة وإنما يعكس وحدة العرب في التفافهم حول فريقهم المغربي العربي، وهذا المعنى أسمى وأعلى وإن كان في لعبة.
ما صنعته كرة القدم من خلال فوز المنتخب المغربي على منتخب البرتغال ليس انتصارا فحسب في لعبة، وإنما الانتصار الحقيقي يتمثل في دعم منتخب عربي، والدعاء له، والوقوف خلفه، وتشجيعه، وإظهار مواطن قوته، والثناء عليها دون النظر إلى جنسيته، فالمفهوم الأعلى والأرقى أنه منتخب عربي استطاع أن يوحّد قلوب العرب في الدعاء له، وتقديم سبل الدعم سواء أكانت مغربية أم عربية، وبخاصة الدعم الإلكتروني من خلال المشاركات والمشاهدات لمباراياته في كل دور من الأدوار.
وكم من مشاهد كثيرة يمكنها أن تجمع كلمتنا، وتوحّد صفوفنا، وتذيب الفوارق بيننا، فنحن -العرب- قادرون -بإذن الله تعالى- على تحقيق أمجاد عظيمة، وإحياء تراث آبائنا وأجدادنا، والعمل معا من أجل الارتقاء بأنفسنا وبأوطاننا، وإحياء حضارتنا، وما شاهده العالم من تنظيم إبداعي لقطر في هذا المونديال وظهور الفرق العربية في مستوى جيد لهو خير رسالة أننا موجودون، وبإمكاننا أن نصنع المستحيل، ونحطم القيود، ونحقق الآمال والأحلام، ونثبت أنفسنا من خلال ما نقدّمه لا ما نقوله فقط، فقد نمرض لكننا لا نموت! حقا، إنها وَحْدة في لُعْبة.