قطر أبهرت العالم
طالب المقبالي
muqbali@gmail.com
منذ الإعلان في عام 2010 قبل اثني عشر عاماً عن استضافة قطَر لكأس العالم 2022، وهي تواجه المصاعب والتحدّيات، في العديد من المضايقات السياسية والاقتصادية، إلا أنها واجهت جميع المصاعب بقوة واقتدار، فربّ ضارّة نافعة، فقد كشفت تلك المضايقات حقائق كانت غائبة عنها، وساعد ذلك قطَر في إعادة الحسابات حيال علاقتها بالعالم بما يتماشى مع مصالحها وقضاياها.
فحوّلت تلك المحنة إلى منح استغلتها في تطوير ذاتها، وبدأت تخطط وتبني، وتعيد هيكلة البنية التحتية لقطَر بشكل جذريّ، ليس لكأس العالم فحسب، وإنما للمستقبل انطلاقاً من رؤيتها الوطنية 2030.
فما حدث في قطَر تجاوز هذه الخطة بعقودٍ عديدة، وأصبحت قطَر تعيش الحاضر بالمستقبل، فلولا هذا الحدث الكبير، لما تحققت هذه الإنجازات.
فقد بلغت تكلفة مونديال قطَر أكثر من 200 مليار دولار، اشتمل على تطويرٍ شامل لدولة قطَر، من خلال تشييد شبكة جديدة للمترو في العاصمة الدوحة، كذلك إنشاء مطار دولي وطرق جديدة وجسور، بالإضافة إلى بناء ما يقارب من مائة فندق جديد، إضافةً إلى المرافق الترفيهية كالحدائق والجُزر، وتطوير الأسواق والمرافق الأخرى، فيما يأتي الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات في إطار تنفيذ مشروع “رؤية قطر الوطنية 2030”.
وستبقى هذه المشاريع إلى عشرات السنين دون الحاجة إلى زيادة، فقطر من خلال هذه المشاريع العملاقة تعيش المستقبل من الآن، ومن عام 2022.
كما شملت التكلفة إقامة المنشآت الرياضية لبناء المجمعات الرياضية التي تفوق الخيال، ولا يوجد لها مثيل في العالم بأسره منذ انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وتعدّ هذه التكلفة هي الأعلى على الإطلاق منذ انطلاق فعاليات كأس العالم في عام 1930، وكان مونديال البرازيل عام 2014 يُعدّ الأغلى من حيث التكلفة، فيما احتلّ مونديال روسيا عام 2018 المرتبة الثانية؛ حيث بلغت تكلفة البطولتين معاً أقل من 15 مليار دولار، في حين حطّمت قطَر أرقام جميع البطولات التي سبقتها لتصل إلى 200 مليار دولار، وهذا رقم يصعب تحطيمه، ويقال إن قطر ستُتعب من يستضيف البطولة من بعدها، فقطر أبهرت العالم، وحققت ما لن يسبقها إليه أحد في التاريخ.
قطَر وقبيل انطلاق البطولة، واجهت تحديات جمّة، وهناك تسارُع في الخُطى لسحب أحقيّة الاستضافة عنها حتى وقت قصير من انطلاق البطولة.
فقد اتُّهمتْ بعدم احترام القوانين الدولية للعمال، وأُشيع بأن هناك حوادث مميتة للعمال في أثناء تنفيذ المشاريع قد تجاوزت المئات بل وربما الآلاف، والمطالبة بالتحقيق الدولي في هذا الشأن.
وفي مقابلة تلفزيونية لإحدى القنوات أكّد فيها أحد المسؤولين المشرفين على هذه المشاريع أن حوادث الوفيات في أثناء العمل لم تتجاوز ثلاث حالات فقط، وهذا ليس بسبب حوادث، وإنما بسبب مضاعفات أمراض أخرى.
ولكن التهويل يسير وفق خطط ممنهجة لتقويض هذه النجاحات التي تحققها قطَر في هذا المضمار.
ودخلت معها المطالبة بالاعتراف بالشواذّ والمثلية وإدخالهم إلى قطر، وتوفير المسكن لهم في مكان يليق بزواج المثليين، وهذا ما يتنافى مع قيَمنا ومبادئنا الإسلامية، والحمد لله أن قطَر تصدّت لهذه المطالب والحملات ضدها، وقد يترتب على ذلك معاقبة قطَر لاحقاً من قِبل مؤسسات كالفيفا وغيرها، وقد قرأنا وشاهدنا قرارات من القيادة الحكيمة في قطَر بمنع بيع الخمور وتعاطيها في الملاعب كما كان متّبعاً في جميع الدول التي سبقت قطَر في استضافة كأس العالم، كذلك هناك قرارات تثلج الصدور في منع ارتداء شعار الشواذ والمثلية في الملاعب القطرية، وفي أي بقعة من بقاع دولة قطر الطاهرة.
قطَر بهذا الإنجاز أثبتت للعالم أن العرب قادرون على تحقيق الإنجازات لأبعاد تتجاوز الخيال.