إعلانات المشاهير وثقافة المستهلك!
خلفان بن ناصر الرواحي
أصبحت الشهرة في عالمنا اليوم أفضل وسائل كسب المال عند الغالبية العظمى من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن بعض التجار قد وجدها فرصة سانحة لتسويق المنتجات التي يتاجر بها في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها مجتمعنا المحلي والعالم أجمع وخاصة ذوي الدخل المحدود والمنخفض، وأصبح ذلك منتشرًا في وطننا الغالي سلطنة عُمان، وكذلك الحال في بعض الدول الأخرى دون مراعاة لتحقيق مبدأ الشفافية، والأمانة، والجودة في المعروض، وطغى عليه غياب المسؤولية، وعدم المحافظة على السمعة، والتضليل الإعلامي المبطن في جذب المستهلك في ظل غياب الوعي المجتمعي بمخاطر تلك التداعيات على كلا الأطراف سواء كان مشهورًا أو تاجرًا أو مستهلكا.
لا يخفى على الجميع أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة التي أصبحت تشكل جزءا من حياتنا اليومية، وفي ظل ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أصبح هناك الكثير ممن لديهم سلع وخدمات لترويجها إلكترونيا، ومع توافر مختلف الطرق لجذب الجمهور والمستهلكين أصبح لدى المعلن وسيلة أكبر لكسب حصة سوقية من أجل الربح السريع، ونرى في الوقت الحاضر وجود الكثير من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يقدمون إعلانات في مختلف المجالات دون وجود تخصصية في السلعة المعروضة؛ حيث يقوم بعض رواد الأعمال أو الشركات بالبحث عن حسابات مشهورة على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للتعاقد معها من أجل الترويج لمنتجاتها وخدماتها، ومن هنا بدأت إعلانات المشاهير تتزايد لتصبح ظاهرة متفشية إذا صح التعبير عنها بذلك، ولا شك أن بعض المشاهير يسجلون نجاحًا في مجال التسويق، وهذا يعد أمرًا إيجابيا، وبعضهم –للأسف- غير ملم بالطرق الصحيحة للإعلان والترويج حول خدمة أو منتج معين، والأمر ممكن أن يعود لسببين إما ضعف معرفته وثقافته بالمجال، أو بسبب الاهتمام والتركيز فقط على الربح المادي بغض النظر عن الأخلاقيات والأمانة وجودة المنتج.
لقد أصبح الهم الأكبر بالنسبة لبعض التجار هو الربح المادي السريع، وكذلك الحال بالنسبة للمشاهير الذين لديهم القدرة على جذب المستهلكين من خلال حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، وغياب رقابة حماية المستهلك، فالبرغم من حصول التجار على الموافقات اللازمة لتلك التخفيضات فإنها لا تخلو من خداع المستهلك في كثير من الأحيان؛ حيث تتفاجأ عند ذهابك لمثل هذه الحالات بأن يتم إبلاغك بأن الكمية التي يشملها العرض محدودة وقد انتهت، وكذلك بوجود سلع معروضة ضمن قائمة التخفيضات ولكنها غير مدرجة ضمنها، ناهيكم عن ضعف جودة المنتج في كثير من السلع المخفضة!
إن أكبر خاسر من وراء مثل هذه الإعلانات المضللة هم مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي أنفسهم ممن لا يلتزمون بالأخلاقيات والقوانين، فيفقدون ثقة الناس بهم، ويخسرون متابعيهم، ومن واجبهم الأخلاقي هو التحلي بروح المسؤولية، ويكونون قدوة للآخرين صدقًا وأمانةً ورقيًا في الأخلاق والسلوك، وأن تكون معاييرهم راقية ودقيقة في مجال الدعاية والتسويق، فيتأكدون من الجهة التي يتعاملون معها، ومدى مصداقيتها وسلامة منتجاتها وتوافقها مع المعايير والاشتراطات التي حددتها اللوائح والأنظمة، وأن يكون هدفهم الأسمى ليس فقط ما يحققونه من ربح مادي، بل تقديم النافع والهادف للمجتمع، وحماية المستهلك من المخاطر.
لهذا، نرى أن مثل هذه الدعايات يجب أن تكون منظمة، وعدم المبالغة في الدعاية الإعلامية من قبل بعض المشاهير لإغراء المستهلك على التهافت للشراء في ظل الظروف الحالية التي يمر بها المجتمع والعالم أجمع من حيث غلاء المعيشة وحاجة الناس، وقدرة الناس الشرائية في ظل التضليل الدعائي المبالغ فيه، كما يجب أن يكون المكان مناسبًا من حيث توفر المواقف، والسعة الاستيعابية أيضًا؛ لتجنب حدوث حالات كثيرة من التدافع الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث إصابات أو حوادث غير محمودة نتيجة ذلك الازدحام المتوقع.
بالإضافة لذلك يجب مراقبة تلك الشركات والوقوف على الواقع وبين ما يتم الموافقة عليه، ومراقبة السلعة المعروضة من حيث الجودة ومعقولية الأسعار، وبيان الكمية المتوفرة والمطلوب الموافقة عليها لتلك التخفيضات؛ بحيث يتم الإشراف عليها من قبل الجهات المختصة، كما يلزم تثقيف المستهلك بثقافة الشراء والاستهلاك وجودة المنتجات، وسياسة الادخار في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والمستقبلية، ومراقبة الدعايات الإعلامية المدفوعة الأجر التي يقوم بها مشاهير التواصل الاجتماعي، والمحاسبة من أجل حماية المستهلك وسمعة الوطن وسلامة المواطن والمقيم، وخاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية والتجميلة، ومواد التنظيف وغيرها من المواد الأخرى ذات التاريخ المحدود لمدة الانتهاء، وجودة الخدمة المقدمة لما بعد الشراء للسلع الأخرى التي تشملها فترة الضمان.