عصام بن راشد المغيزوي
لحظات قصيرة هي كل ما نحصل عليه في هذه الحياة، لخوض تحدياتها، واختبار أحداثها، والإستمتاع بتفاصيلها الرائعة، والسعي للفوز بكنوزها. من يحاول قراءة كتاب الحياة سيتعين عليه الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، قد يكون أبرز هذه الأسئلة، لماذا لا؟ لمغامرة جديدة، لنجاح آخر، لزهور ذابلة تحتضن الحياة، لكتابة قصة نجاح أخرى، لتسطير مجد آخر، للاستمتاع بحياة أخرى. رغم أن سؤالي لا يحتوي إلا على كلمتين، فإن إجابته قد تتطلب منك أسطرا عديدة؛ لإجابته، وسيكون من شبه المستحيل وجود تشابه بين أي إجابتين في هذا العالم لو أننا قمنا بطرح هذا السؤال على أكثر من شخص.
عزيزي القارئ، أترك لك الدقيقة القادمة؛ للإجابة عن سؤالي، لماذا لا؟ هل انتهيت من الإجابة؟ هل تعتقد أن إجابتك كانت مقنعة؟ هل أدركت صعوبة الإجابة عن هذا السؤال؟ تخليك عن سيف معركتك خلال مرحلة ما، لا يجب أن يعني بأي حال من الأحوال انسحابك من معركة الحياة، ظلامك لا بد أن يكون مقدمة لصباح باسم. لماذا لا؟ لماذا نختبئ كثيرًا خلف ألامنا؟ لماذا لا نودع خريفنا؟ لماذا نحتضن آلامنا، ولا نسعى لمصافحة أمالنا؟
خلال رحلة الحياة القصيرة، كل ما يمكننا الحصول عليه، هو اختبار بعض أحداث الحياة، لحظات قصيرة وأحداث قليلة هي كل ما قد نحصل عليه، ألا يجب أن يكون هذا الأمر، بمثابة حافز لنا للمضي قدمًا نحو أهدافنا؟ لإعادة البحث عن كل تلك الأحلام التائهة؟ لصناعة أعمال، تخلد ذكرانا بعد رحيلنا؟
نحن لسنا سوى مجموعة من الأفكار والمعتقدات والأحاسيس التي تطبعت فينا، والتي تسربت إلى عقلنا بشقيه الواعي واللاواعي. فعلى عكس الشق الواعي الذي يستمر في النمو والتطور إلى آخر لحظة من حياتنا، فإن الشق اللاواعي يكون مكتملًا منذ لحظة ولادتنا، يستمد الجزء اللاواعي من عقلنا معتقداته من الأفكار والكلمات الأولى التي تظل مترسخة فيه إلى آخر يوم في هذه الحياة، تلعب الانطباعات الأولى التي نستقيها من التفاصيل المحيطة بنا دورًا حاسمًا في قدرتنا على التعامل مع مختلف تحديات الحياة، فالحاجز الذي نؤمن بوجوده عندما نحاول مطاردة أحلامنا قد يكون في حقيقة الأمر ليس إلا سرابا من الأوهام.
وجود صراع بين الجزء الواعي والجزء اللاواعي هو السبيل الأمثل لاستكشاف إمكانياتك الحقيقية؛ لكونه الصراع الوحيد الذي سيخلصك من كل الأوهام التي تستوطن عالمك، فأنت وبوعي منك؛ ستقوم بتأسيس أفكار ومعتقدات تؤمن بأحقية وجودها في عالمك. لماذا لا؟ ليس سؤالا سهل الإجابة، ولكنه سؤال يتطلب منا السفر إلى عقلنا للبحث عن إجابة منطقية. لماذا لا؟ سؤال لن يستطيع أحد الإجابة عنه سواك.
