هل من مستمع إليهم؟
بدرية بنت حمد السيابية
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ:(الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ).أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
الرحمة حثها الإسلام بيننا، وجعل بيننا محبة ورحمة، كعلاقة الراعي برعيته ورئيس العمل بمرؤوسيه؛ إذ ينبغي أن يسود هذه العلاقات الرحمة والرفق، وفي هذا المجال يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ) رواه مسلم.
وكذلك رحمة الإنسان للحيوان بألّا يؤذيه من حيث الضرب أو حرمانه من الأكل والشرب؛ حيث إنَّ الرحمة أودعها الله قلوبنا.
فالرحمة مطلوبة في التعامل مع الآخرين حتى لا تسود بينهم الكراهية والحقد، فالتعامل مع الآخرين بأسلوب تحتويه الرحمة والكلمة الطيبة ومراعاة الآخرين فيما يمرون به من ضغوطات نفسية وغيرها تجعل الإنسان يعطي بكل حب في واجبه، والقيام بعمله بأكمل وجه.
ولكن بعضنا – ويؤسفني أن أقول هذا الكلام- ليس في قلوبهم ذرة رحمة، أو حتى النظر في حال أحد – وأنا في طريقي للعودة إلى المنزل وكنت أقود السيارة؛ إذ شد انتباهي أحد عمال النظافة ينظف ويلتقط الأوساخ، حاملا في يده كيسة سوداء “أكياس القمامة”، فكان في كل موقع كيسة، ويمشي مسافات طويلة ليضع كل كيسة في مكانها، بعدها تأتي الشاحنة وتحمل هذه الأكياس!! وكان الجو حاراً جداً، وهو يجتهد بأن يكمل عمله على أكمل وجه، تارة يأخذ أنفاسه، وتارة أخرى يكمل عمله.
فاقتربت منه لإعطاء هذا الرجل ” ماء” ليشرب، ولكن أخذني الفضول بعد السلام عليه، فسألته: كيف العمل معك؟ ” الله يعطيك العافية والصحة يارب العالمين” فقال : أنا منذ الصباح أنتقل في هذه المنطقة، وكما ترين المنطقة كبيرة، وعدد سكانها في تزايد، فسألته سؤالاً آخر؛ ألا يوجد لديك عمال ليساعدوك؟ فقال: للأسف، نحن عاملان” اثنين فقط” تم توزيعنا على هذه المنطقة، وفي الحقيقة طالبنا أن يجلبوا لنا عمالًا آخرين ليساعدونا، فأنا رجل كبير ومريض، ولكن ماذا أفعل؟؟ ليس هناك من مستمع إلينا!!!.
لماذا يا مسؤولون أو مراقبون لا تنظرون إلى حال هولاء؟! فهم من أبناء هذا الوطن، ليس كونهم عمال نظافة، ونقلل من تقديرهم، أو لا نهتم بهم، فهم يخرجون من بيوتهم منذ الصباح الباكر، ويعملون والشمس وسط روؤسهم، فرغم مرضهم فهم متواصلون في تكملة واجبهم العملي، فأنت مراقب من قبل الله، وواجب عليك أن تستمع إليهم، والنظر إلى حالتهم؛ فارحموهم يرحمكم الرحمن.
رسالة مني لكل مسؤول أن يتعامل مع مرؤوسيه بكل رحابة صدر ورحمة ومودة، وأن يسهل أمورهم ولا يعرقلها، فأنت وُضعت في هذا المكان لتقوم بواجبك لا تتسلط على الآخرين مهما كانت مكانتك، فأنت أولاً وأخيراً تخدم مجتمعك، ولكن تأكد ليس على حساب أحد، وليكتمل العمل، كن شخصا متسامحا ورحيما؛ لنعيش معًا في مجتمع متعاون ومحب الخير للجميع.