الحملة الفارسية الثالثة على عمان عام ١٧٤٢م
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الرابع والاربعون:-
استعرضنا فيه الأسباب التي أدّت إلى تأجيل الحملة الفارسية الثالثة على عمان.
الجزء الخامس والأربعون:-
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن بدء العمليات الحربية والاجتياح الفارسي لعمان.
وبناءً على طلب سيف بن سلطان الثاني، بدء الفُرس التمهيد للحملة الفارسية الثالثة على عمان، وقد أتمّوا استعدادهم بشكل مبكّر، وكانوا في انتظار الفرصة المناسبة التي واتتهُمْ من خلال طلب الإمام المخلوع المساعدة.
– في شهر أبريل عام ١٧٤٢م أمَر الفُرس حاميتهم الموجودة في رأس الخيمة بمهاجمة مسندم وخصب التي تحتلها قبائل الهولة باسم الإمام المنتخَب حديثاً سلطان بن مرشد اليعربي.
– فور تلقّي الحامية الفارسية الأوامر، شنّت هجوماً مباغتاً على خصب، وتمكّنت من السيطرة عليها، وزعم الفُرس بأنهم قتلوا الشيخ رحمة بن مطر القاسمي، وأسروا ٥٠٠ من أتباعه، إذ تشير الوثائق البريطانية إلى أن ادّعاء الفُرس بقتل الشيخ وأسر جنوده غير صحيح.
– منذ ١٠ يونيو ١٧٤٢م بدأ الفُرس بنقل الجنود والتجهيزات العسكرية إلى حاميتهم في رأس الخيمة استعداداً لبدء الحملة على عمان.
– عيّن نادر شاه كلب علي خان قائداً للقوات البرية، كما احتفظ تقي خان بالقيادة العليا بالإضافة إلى قيادة الأسطول البحري.
– في ١ نوفمبر غادر كلب علي خان بندر عباس بقواته البرية متوجهاً إلى عمان، وبعد عشرين يوماً من نفس الشهر تحرك تقي خان بقواته البحرية باتّجاه الأراضي العمانية على رأس قوة مكوّنة من أربع سفن كبيرة وسفينتين نوع الغراب وعدد من الترانكيات، كما لحقت به أربع سفن فارسية جديدة تمّ شراؤها من سورات الهندية، أي أن مجموع السفن الكبيرة للبحرية الفارسية بلغ ١٠ سفن ناهيك عن السفن الصغيرة.
– توقف تقي خان في خور فكّان، وقام ببناء حصن لكيّ يكون قاعدته العسكرية للعمليات الحربية في السواحل العمانية، وأبحر بعد ذلك إلى رأس الخيمة وفيها التقى بالإمام المخلوع سيف بن سلطان الثاني الذي أعرب عن شكره وامتنانه لنادر شاه لتلبية طلبه وإرسال هذه المساعدات.
– اتّفق الجانبان على أن يقوم الفُرس باتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية لإعادة السلطة لسيف بمقابل أن يعترف سيف بالسيادة الفارسية على عمان بأكملها، وهذا الاتفاق سبّب امتعاضاً وغضباً شديداً لدى أنصار سيف، وقرروا التخلّي عنه والالتحاق بخصمه الإمام سلطان بن مرشد اليعربي في مطرح، ورغم ذلك استمرّ سيف في تحالفه مع الفُرس.
– في ١٥ ديسمبر ١٧٤٢م هاجم الفُرس مدينة صحار بقوة تقدّر بما يلي: –
١- عشرين ألف جندي.
٢- خمسين سفينة مختلفة الأحجام.
– هذه الأرقام تعطي دلالة واضحة بأن الفُرس وضعوا ثقلهم العسكري على صحار لأنهم يعلمون بأن مخططهم محكوم عليه بالفشل إذا لم تتمّ السيطرة على المدينة.
– هاجمت القوات الفارسية البرية المدينة من الخلف لضعف التحصينات، ولكنهم تفاجؤوا بالمقاومة العنيفة والشرسة لقبائل صحار، بالإضافة إلى التعزيزات التي أرسلها والي المدينة أحمد بن سعيد وكذلك الإمدادات التي أرسلها الإمام سلطان بن مرشد اليعربي بقيادة القائد سيف بن مهنّا، الأمر الذي جعل الفُرس يتراجعون عن أسوار المدينة.
– حاصرت القوات البرية مدينة صحار من خارج أسوار المدينة وطوقّتها تماماً من جهة البرّ، كما حاصرتها القوات البحرية من جهة البحر، وقامت بقصف المدينة بشكل كثيف وعنيف لنشر الرعب بين السكان بقصد إجبارهم على الاستسلام أو الهروب من المدينة، ويُقال بأن المدفعية الفارسية كانت تقصف المدينة في اليوم الواحد من أيام الحصار ب ١٠١٢ قذيفة.
– قاد تقي خان الهجوم على مسقط بقوة تتألف من سفينة القيادة وعدد من السفن الأخرى، ولكنه جُوبه بمقاومة شديدة اضطرته إلى التراجع نحو خور فكّان، فبعث برسائل إلى الوكيلين الإنجليزي والهولندي يشكو إليهما نفاذ المؤن والتجهيزات من القوات الفارسية ويناشدهما باسم الصداقة بأن يبعثا إليه ما يملكان من تلك المواد، كذلك وجّه رسالة إلى أخيه في بندر عباس يحثّه على أن يمدّه ب ٧٠٠ جندي ليحلّوا محلّ الجنود الذين قُتلوا في العمليات الحربية، وطلب منه أن يتوجّه إلى شيراز لجمع الأموال وإرسالها إليه في أسرع وقت ممكن.
– في ٢٠ يناير عام ١٧٤٣م قامت إحدى السفن الهولندية بإيصال المساعدات التي طلبها تقي خان.
– في ١ فبراير عام ١٧٤٣م قام تقي خان بالهجوم على صحار ولكنه فشل في تحقيق هدفه، وبعد فشله في الاستيلاء على صحار جاءت أوامر نادر شاه بضرورة احتلال مسقط مهما كلّف الثمن.
– في النصف الأول من شهر فبراير عام ١٧٤٣م تقدمت القوات الفارسية البحرية إلى مسقط ومطرح وقامت بقصفهما قصفاً مكثفاً للتمهيد لنزول القوات البرية ولكنها واجهت مقاومة شديدة الضراوة من قوات الإمام سلطان بن مرشد اليعربي، ولكن تمكنت القوات الفارسية من احتلال جزء من المدينة.
– أمَر الإمام بنشر إشاعة بأنه أمَر قواته التي ما تزال تدافع عن بعض أجزاء المدينة بالانسحاب من البوابة الرئيسية لمسقط، وعندما سمع الفُرس بهذا الخبر أرسلوا بشكل سريع قسماً من قواتهم إلى البوابة، ولكنهم لم يجدوا أحداً هناك، فانشغلت القوات الفارسية بعمليات السلب والنهب دون اتخاذ الحيطة.
– عندما رأى الإمام سلطان القوات الفارسية منشغلة بعمليات السرقة والسلب والنهب، شنّ عليهم هجوماً مباغتاً تمكّن من خلاله القضاء على معظم قواتهم هناك.
– أدّى ما حلّ بالقوات الفارسية إلى انتشار الرعب والهلع بين صفوفهم، فالتجؤوا إلى سفنهم وانسحبوا إلى عرض البحر وتركوا غنائمهم التي بلغت حمولة عدة سفن، وبذلك استرجع الإمام السيطرة على مسقط مرّة أخرى وغنم كذلك بعض سفن الأسطول الفارسي.
– أعطى تقي خان أوامره إلى كلب على خان الذي تُحاصر قواته صحار بأن يحرك جزءً منها لمحاصرة مسقط ومطرح من جهة البر حتى لا يعطي فرصة للقوات العمانية لتتحرك بسهولة، والقيام بعمليات كرّ وفرّ على القوات الفارسية.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف نستكمل فيه أحداث العمليات الحربية والاجتياح الفارسي لعمان.
المصدر: –
– عمان وسياسة نادر شاه التوسعية.
المؤلف: –
عدنان الزبيدي