من قتل نيرة أشرف وإيمان أرشيد؟!
طه جمعه الشرنوبي – مصر
بالطبع ليس القاتل شخصاً واحداً حتى يوصف بالسفاح، لكن من المؤكد أن المجتمع ساهم في قتلهما بعدما تشابهت دوافع الجريمتين، نيرة وإيمان مثلهن مثل أخريات من بناتنا وأخواتنا، يتعرضن لمضايقات يومية في الشارع أسهم فيها الجميع بالسكوت وانعدام المبالاة، وطمس الحقيقة “مرة لأنه رجل كبير في سن أبوكي، ومرة أخرى ده زى اخوكي، ومرة أخرى حرام تضيعي مستقبله” .
هذا ما يقال حينما تتعرض هؤلاء البنات والنساء لمضايقات من شأنها خدش أنوثتهن وابتزازهن، وإرضاء للغرائز البهيمية، والتعامل معهن على شيء لا يمثل شيئا.
ولم يبال أحد بكم الأضرار النفسية والاجتماعية والجسمانية التي تعرضن لها؛ ثم تطورت الأمور السيئة إلى الأسوأ، وتم التهديد بالقتل لاستجداء عواطفهن علنية خارج وداخل أسوار الجامعة.
ثم لم يكفِ هاتان البنتان بالموت مرة واحدة، ليرفعن شعار “المجتمع قاتل أيضًا”
من قتل نيرة أشرف وإيمان أرشيد؟!
لقيت نيرة وإيمان الطالبتان الجامعيتان مصرعهما على يد زملاء لهما في الجامعة بالطعن والنحر، والأخيرة برصاص سلاح آلي، ثم لم يبالِ القاتل حتى سعى لقتلها مرة أخرى بتشويه سمعتها، واختلاق مبررات للقتل من شأنها كسب تعاطف وتقليل عقوبته بعد ارتكابه جريمة لا أخلاقية تتمثل في الخسّة والدناءة.
الشارع المصري والشارع العربي والأردني مختلف، في الأساس تركوا قاتلهن والجريمة النكراء التي قام بها، وتشبثوا بالحجاب بالنسبة لـ”نيرة”، يخرج علينا المتدينون بأحكامهم وفتاويهم التي تبيح قتلها، أو على الأقل أن يقبل المجتمع بمقتل طالبة متبرجة على حد وصفهم!!
حتى أنهم سارعوا في تعديل صورتها الفوتوغرافية ووضعوا لها حجاب، ويخرج علينا التنويريون يسوقون فلسفة من شأنها أن الأفكار الدينية الرائجة ساهمت في تكوين مفاهيم لدى هؤلاء الشباب ساقتهم لأفعال خسيسة، تتمثل في القتل وغيره من الجرائم الدنيئة.
نيره وإيمان ليستا الجريمة الأولى، ولن تكون الأخيرة طالما أن هناك عقليات تفكر بهذا الشكل، عقليات تبرر القتل، لكن ربما يختلفون على الوسيلة التي أسقطتنا في بئر لن تمر عليه قافلة العزيز، ما بين التدين والتحرر، واتباع مبادئ ونهج وثقافات مختلفة يسقط ضحايا، المجتمع يساهم في اغتيال الإنسان كالمجرمين، المجتمع يطلق أحكامه ويقيم محاكمات تغتال الحريات في مهدها، والجميع نسى أننا علينا بناء مجتمع سوي، يقف مستنكراً مثل هذه الأفعال، وسداً مدافعاً عن القانون الذي يقوم بدوره في محاكمة المجرمين، لا حرية في فرض الرأي، لا حرية في إنكار رأي الغير، لا حرية في الوصاية على الغير، كما أنه لا حرية في التعاطف مع قاتل دنيء، أخذته الخسّة ليقوم بفعل وحشيّ وكأننا في غابة، إننا ننتظر قرار المحكمة في تنفيذ أحكامها العادلة بشأن مقتل نيرة، ونأمل أن تمارس السلطات في الأردن دورها في تنفيذ عقوبة رادعة تُحقق العدالة، وتردع القتلة ومن يدافع عنهم.