كن مطمئنا…لا تغضب!
مياء الصوافية
أرى حالك وفمك المفتوح أشبه بفوهة بركان بدأ للتو ينفث حممه؛ فألسنتك المشهورة نحو خصمك، وما واجهك تمضي بدون رويّةٍ؛ الكل تلفحه حر شررك الذي جرى في مجارٍ منبعها نار غضبك، فسقت كل زاوية من أرض احتوتك، فتحول حالك من سلام بغصن زيتونه إلى حرب ضروس بنادقها مشرِّعة على زناد طلقاتها.
قد كنت منذ لحظات أشبه بحقل خيم السلام القلبي الأخضر على حماه؛ فكان مأوى للأرواح المطمئنة تحلق في دوح أنسه تفاؤلاتهم، فإذا بك نتحول إلى قلب ينفث سمومه؛ فتحولتَ من رحابة الرضا إلى الزعزعة التي أصابت جسدك المسكين وأودت بحبل علاقاتك،أو كادت أن تقطعها.
إنأَ بنفسك عن ما يبعدكَ عن رَوِيَّةِ سكينتك ويلق بكَ في ثورة هيجان بحر مدك، إنأ عنه واعرف ما يثير نار نفسكَ، إبحث عن منظومات تنتشلك من محدودية فكرك، ذاك الفكر الذي جعلك تشتعل كنار تعاظمت ألسنتها فلفحتْ هذا وذاك .
غير حالك بالضد فإن ارتكزت في بؤرة غضبك. ..اجلس باحثا عن أنس حلمك ورضاك، وإن أحاطتك جدران الغضب وضيقت من أنفاسك، وزادت جمرها اخرج إلى رحابة سمائك وأرضك ليدخل الهواء رئتيك فيصفو ما تعكر منه، وأغسل جسدك الغاضب بماء الوضوء واسبح في والكاظمين الغيظ .
خذ فكرك إلى مائدة قولك؛ فلا تخرج المر والحامض منه، ركز في أناقة قولك؛ فقد تأتي عند جنون غضبك بكلام تخرج غيرك عن حدود احترامك له، لترمي بعادات العرف والدين في بيداء جفائك، فأنت أنزلت نفسك عن أدب دينك إلى دركات الحمق والطيش،وأخرجت من أغضبكَ أوغضبتَ منه من حمى كرامته؛ فباتت كلماتك تنهش في مضغة قلبه تحوم حوله كذئاب.
نَفِّس عن زحمة غضبك وذلك عندما تكون وحيدا بعيدا؛ فلابد أن تفك عقدة مشاعرك.. لابد أن تحلها حين تكون بعيدا عن غيرك حتى لا تجرح كلمتك أحدا وتدمي قلبا ربما ستندم بعد حين على رمي غضبك عليه.
عليك ألا تعيش في مواقف تثير غضبك حاول أن ترمي بها بعيدا في أفق رحابة عقلك، ولا تجعلها تضيق عليك اتزان انفعالك.
امض نحو الإيجابي من المواقف الجميلة، وامح بها كل سوء حام في فكرك.
ارحم جسدك، نشطه برياضات تخفف بها ثقل همك، ووسِّع مداركك.
حاول أن تعد شيئا أمامك في داخلك فيتحول فكرك عن عد شحنات غضبك إلى عد ينسيك هذا الغضب.
أرخ مساحة عضلاتك، اجعلها تتمد لتضيِّق على نوبة غضبك.
عبر عن غضبك في وقت لا يصيب غيرك منه أذى.
وأعلم أن خلق التسامح خلق إسلامي أوصى به الله ( عز وجل )في كتابه العزيز ،قال تعالى:”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ آل عمران/159
إن الله عندما ينهاك عن شيء يكون نهيه لحكمة؛ لأن الأمر المنهي عنه حتما يكون فيه مضرة عليك ؛فالغضب سيجلب لك الكثير من المشاكل.
هل تعلم ماذا يحدث لجسدك أيها المسكين، عندما تمر بنوبة غضب ما؟
١.سيرتفع ضغط دمك.
2. الأرق وقلة النوم.
4. مشاكل في الجهاز التنفسي.
5. صداع الرأس.
6. السكتة الدماغية.
7. تأثيرات سلبية على الجلد .
بسبب هذا التباغص والتحاسس والتباعد. تنقطع الكثير من العلاقات، ويرتخي حبلها، وسيؤدي هذا التراخي حتما إلى انقطاع الوصل، وكل هذا سيؤثر على البنية الاجتماعية وستتسع هذه الفجوة إلى بني المجتمع الأخرى؛ فتنشأ مشاكل اجتماعية، وإن تعمقنا في النظرة سيؤدي ذلك إلى مشاكل سياسية واقتصادية.
لذا فأحرى بالإنسان المسلم أن يجعل الحكمة، ومبدأ الدين هما اللذان يقودان فكره وعلاقاته؛ ليكون مطمئنا داخليا وخارجيا في تعامله، أمينا على نفسه وجسده عزيزا مُعزِّا كريما مُكرِما