قيمة العطاء
بدرية بنت حمد السيابية
قال تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}-[سورة الضحى: 5]، فعندما نستشعر معنى أسم الله المعطي ومعاني الآيات وإن كان لها سبب نزول إلا أنها تتواصل مع كل إنسان فيشعر بها بقلبه وجوارحه، ولا بِدع في ذلك، ويعتبر العطاء واحداً من أجمل الصفات التي تتواجد عند الإنسان، فهو يُساعد على زيادة المحبة والألفة بين الناس، وعلى التخلص من مشاعر البغض والكراهية، والعطاء جزء من الكرم، بل يكون هو الكرم في صور كثيرة، وهو جزء من كينونة الإنسان السامي، والمثل الصيني يقول: “مثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاؤك إليك”.
العطاء هي سمة جميلة في حياة من يفهم معنى العطاء ومعنى التضحية في سبيل إسعاد الآخرين، وكلما زاد عطاء الإنسان زادت سعادته، فما زالت الدنيا بخير بوجود أشخاص يحبون العطاء والخير وقد لا نجد تعبيرًا يُقرِّب مفهوم العطاء في شموليته مثل مفهوم الحياة والإنسانية، فالذي يُعطي هو فعلًا ينشر الحياة والأمل والحب والسعادة، فهو يعطي بدون حساب، وبغض النظر عن الجنس واللون والدين.
وبذلك يكون قريبًا من الله ومن الناس، وعن هذه المعاني السابقة يُعبر القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}-[سورة الليل: 5]. ففي هذه الآية تقديم العطاء المطلق على التقوى رغم أهميتها؛ لأن العطاء تعبير عن جميع القيم والمثل والفضائل، ففي التقوى رضى الله تعالى، وفي العطاء رضى الناس، وهناك أمثلة كثيرة على العطاء من القلب والتعاون والتكاتف.
أحيانًا نمر بأزمات، سواء شخصية أو عامة؛ فتجد الإنسان المعطي يقدم خدماته دون مقابل، راجيًا الأجر والثواب من عند الله، فيعطي بلا حدود، وتجد هناك من يحب العمل التطوعي ويعلم ما معناه جيدًا دون مقابل أو مردود مالي، فالنية في قلبه، وأثره وتنفيذ هذا العمل والعطاء على أرض الواقع كمساعدة للآخرين، وقول الكلمة الطيبة وكفالة الأيتام والاهتمام بهم، وصلة الأرحام وزيارة المريض، ومساعدة الناس المحتاجين بكل سرور ومحبة.
والعطاء بأنواعه الجميلة، كعطاء الأم لأبنائها دون مقابل، وحبها وحرسها لهم، والأب يسعى نهارًا وليلًا لكسب لقمة العيش الكريمة، وإعطاء أبنائه الأمان واحتوائهم دون مقابل؛ فيكبرون أمام أعينه ويترقب أن يكبروا ويحققون طموحهم من تفوق وتميز في مسيرة حياة أبنائهم، وأيضًا الوقت عطاء، فأنت تقضي وقتك في الشيء المفيد، والمستفيد منه، وتنثر السعادة على قلوب الناس وخاصة الأقربون، فعطاء المعلم مثلًا في جهده ووقته في تربية وتعليم أجيال المستقبل.
إذًا، فمن منا لا يحب العطاء والتسامح والألفة؟! فالسر في العطاء لا يكمن في مجرد العطاء فحسب، بل في إحساسك بأنك تتحول إلى شخص أفضل.