(بين الحين والحين..) خواطر_مسائية
فؤاد آلبوسعيدي
بين الحين والحين تأتي إليّ زائرة في الخيال، وكلّما هلّت كالقمر عند حضورها رأيت نفسي قد بدأت أفقد عقلي وكلّ ذاك الصّواب الذي بقي منّي بعد يومٍ شاقٍ وطويل، تتكرّر الزّيارات كثيراً ومتى ما عطفت عليّ بتلك الزيارات المبهرة والزّاهية كالشّمس وجدت نفسي أُنشِدُ وكأني أقوم بإكرام الضيف وأؤدي واجبات الضيافة..
أبانت حورها ليلاً فمظنّتي
الشمس مشرقة ولكن لوجهها نوراً..
وتهللت عيناي لمليح قدّها
فبتّ أُسـقى من خمرها مسحوراً..
كثيراً ما يطيب لي رؤيتها ومشاهدتها بين هذا الحين الذي أكون فيه ملهوفاً عند رؤيتها وذاك الحينُ الذي يجبرني أن أكون غارق في لحظات الإستمتاع والذّهول الشّديدين وأنا أبدوا في وصفي كذاك الذي يعبر من حديقة جميلة إلى حديقة أخرى أكثر جمالاً تزيده سروراً، فتلك هي الأوقات السّعيدة التي فيها يبادرني بوح قلمي…
كِراراً أَفِرُّ إلى غمازتـَيْها
فتنبذني من ثُغورها سروراً..
كٙسٙكْرٙةٍ أضحتا عيناها
تُجِنّٙانِ الفؤاد بلا نبيذ مخموراً..
في كحلها سحرٌ لا يكفكفني
عن بقِيّة حسنها حضوراً..
تلك التي تبهرني مع كلّ إطلالة لها وكأنّها تلك المليكة التي لا تظهر أمام الجموع سوى فوق إطلالٍ عالٍ بـهيّ لا يجاوره في سمّوه أمراً آخراً فتسعد كلّ الناظرين بحضورها، ومن لا تُخطف أبصاره بحضور شبيهة السّلطانة التي كلّما خطفت بصري زادتني جنوناً فوق تلك الفرحة الساكنة في كلتا عينايا فلا يزيدني ذلك الجنون سوى مزيداً من الهلْـوسة التي تصدر مع همسات أحدّث فيها اللّيل الذي أمسى معها منيراً رغم وحشته..
تُطِلُّ بهيّة كسُلطانةٌ.. تُجْذِلُ
العين فتُسعِدني حُـبُوراً
أناظرها فتغدقني جنوناً،
وفي شعاعها أَلـمحُ ضيّاً بدوراً
وقلبي ينوح بهيبتها ذهولا.ً.
يلهمني شوقها فدونها مهجوراً..
بين الحين والحين لحظات أكاد أن أكون فيهما شاعراً أكتب عنك القصائد والأشعار وما كنت شاعراً قبلك، هي لحظات تنقلني من حال إلى حال كلّما تخيّلتك في فكري وبالي، وأمّا تلك الأوقات التي أشاهدك فيها فإني أجد نفسي فيها وقد وضعت لك حروفاً وسطوراً في كلّ كتبي ومجلّداتي وأجد في بعض تلك الحروف أحياناً وقد تحوّلت إلى قوافٍ أقوم بتليحنها فتصبح طرباً أغنية لخيالك الذي يسكنني..
أهداب تُميلهما.. فأُسٙمِّرُ لها
إلهاماً وأكتب غزلاً وشِعراً مٙسْطوراً
وشذاها إذ شاهدتها رمتني
سِهامُها رٙيْحانٌ مُعَطَّرٌ وبخوراً
وضعت لها القوافي فتراقص
حروفي عيناها وتُجذِلني شعوراً
بين الحين والآخر الذي لا ينتهي أبداً تزورني.. تلك الأحايين التي تجمعني معها سواد اللّيالي الطِّوال؛ كثيراً ما سألت النّجوم وتلك النّسمات التي تداعب وتلاعب أطراف وجهي وفي ذات الوقت كأنّي أشاهد خيالك واقفاً أمامي نرسم معاً صورتنا وحكايتنا القصصية..
هذا بوحي أكتبه ليُسمِع قلبَها
ألحاناً ونشيدًا يزيدها طرباً وغروراً
فلمن أشكو حُـسْناً يُشرِق
في ليلي.. فيُميت قلباً بات غيوراً