خليفة . . وإستقرار الخليج . .
يوسف عوض العازمي
” بناء الإنسان يختلف تماماً عن كل عمليات البناء العادية الأخرى، لأنه الركيزة الأساس لعملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة، وعليه مسؤولية دفع مسيرة الأمة “
( خليفة بن زايد آل نهيان )
أعلنت وزارة شئون الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة عن وفاة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله وغفر له، وبهذه المناسبة الحزينة نعزي أنفسنا وأهلنا في دولة الإمارات الحبيبة بهذا المصاب الجلل، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة، وأن يوفق ويبارك في أخوته الأوفياء بقيادة الإمارات لمواصلة المسيرة الناجحة والمظفرة لهذا البلد الغالي علينا . . وأن يسدد خطى الرئيس الجديد الشيخ محمد بن زايد في سبيل رفعة الإمارات وحفظها في قادم الأيام ..
الشيخ خليفة رحمه الله كان يعاني صحياً منذ سنوات، وكان عضده وولي عهده الأمين الشيخ محمد بن زايد هو من يقوم بالمهمات الجسام وإدارة شئون الدولة الموكلة إليه، وكان التعاون والتعاضد بين نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وبين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد مضرب مثل وفي أوجه ويقدم مثالاً تاريخياً لعلاقة رجال الدولة وإدارتهم الموفقة للبلاد، مما ساهم في إستمرار مسيرة الإتحاد المظفرة منذ تأسيسه بقيادة الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله أوائل سبيعنيات القرن الماضي، ولإن الأساس قوي ومتين فقد إستمرت المسيرة وستستمر بإذن الله لما فيه من خير للإمارات وشعبها العزيز . .
ولو نظرنا لدول الخليج العربية نجدها تتميز بإستقرار الحكم بغض النظر عمن يحكم، وهي نموذج قل نظيره بين الأمم في المنطقة، فلو تمعنا بالتاريخ القريب لهذه الأنظمة التي تصنف سياسياً كأنظمة حكم أسر حاكمة نجدها الأكثر استقراراً وتطوراً، والأفضل في الأمان المجتمعي، والأبرز في علاقة الحاكم والمحكوم، ففي كل مرة يتم بها إنتقال للسلطة بأي بلد منها تجد الإنتقال يتم بسلاسة وتوافق، وتجد الحكمة والحرص الشديد على وحدة الصف والبلاد والمصلحة العامة هي السائدة، مما أفرز أنظمة حكم تكاد تكون الأرقى في المنطقة .
في السعودية مروراً بعمان وبالإمارات والكويت وقطر والبحرين كانت السلطة تنتقل من يد إلى يد بسلاسة و هدوء، حتى أمن الشعب على نفسه وعلى الأمن داخلياً وخارجياً، فلك أن تسأل أي خليجي قد تجده ينتقد أموراً ما، إنما صعب جداً أن تجد هناك حتى نقاش حول وجود الحاكم على رأس الهرم بالبلاد، لأن دول الخليج ليست كالدول التي يحكمها أول من يستيقظ صباحاً، أقصد دول الثورات التي دمرت الأخضر واليابس، وأهدرت الطاقات والأموال، وعاثت بالأرض فسادا، لقد أثبتت انظمة الحكم الوراثية أو أنظمة الأسر الحاكمة أنها هي الاقرب لثقافتنا المجتمعة كمجتمعات ناتجة عن أسس قبلية و عشائرية، ولا عيب في ذلك فلكل منطقة ظروفها وتنوعها وثقافتها.
صحيح لكل دولة ظروفها الخاصة، إنما الأكيد أن المنطلقات واحدة، والأهداف متشابهة، و قد تمم أنموذج هذه الدول المتشابهة في أنظمة الحكم بتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية أوائل ثمانينيات القرن الماضي، كدليل وواقع على تعاون وتكاتف هذه الدول.
وككويتي فالشيخ محمد بن زايد له تقدير خاص سيما وهو أحد الجنود الذين شاركوا في تحرير بلدي الكويت حيث كان أطال الله بعمره من قادة القوات الإماراتية المشاركة في معارك التحرير.
رحم الله خليفة وغفر له، وأمد الله بعمر محمد، والله يجعل الإمارات العزيزة من خير إلى خير، حيث يهمنا كخليجيين أن تستقر دولنا ويعم الأمن بها والأمان، وأن نكون دائمًا على رأي واحد وثبات في مواجهة متقلبات دولية وأقليمية لا تبقي ولا تذر. وهنا أتذكر قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ …}- [ آل عمران : من آية 103 ].