2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

كلنا في حماية المستهلك

عبد الله بن حمدان الفارسي

 

في ظل العصرنة والتطور السريع الذي يجتاح العالم بصورة تنافس الخيال والتوقع في مختلف المجالات، نجد أن بعضنا يتعمد السير للخلف، في محاولة التخلف عن مسايرة التطورات ورفضها، وبعضنا يحاول بعثرة الجهود الساعية لانتشاله من بين مخالب الجهل، ظنًا منه أن مظاهر التطور ليست إلا رجعية تنافي العادات والتقاليد. بطبيعة الحال فإن الإنسان السوي إذا وقع في مشكلة أو واجهته معضلة، ما عليه إلا التفكر والتفكير في كيفية التخلص من ذلك المأزق، وفي حالة عجزه فمن الطبيعي اللجوء إلى طلب الاستغاثة والاستعانة بالآخرين، إلا أنني ومن خلال شواهد ليست بالقليلة، وكنت شاهد عيان على بعض تلك الأحداث، للأسف الشديد هناك بعض النماذج من الناس تأبى بطريقة أو بأخرى مساعدة نفسها، أو فتح المجال للآخرين في القيام بتقديم العون لها، لتبقى متقوقعة في غياهب الجهل.

لقد منّ الله علينا وقدر لنا الانتماء لدولة نموذجية ذات حضارة عريقة وتوجه عصري متحفظ وليس بمستعصٍ، تحتوي هذه الدولة على كافة متطلبات العصر وتطلعاته وإفرازاته، مع الحفاظ على حضارتها، والتمسك بالعادات والتقاليد التي لا تخالف الإسلام وسماحته، والتي من شأنها أن تكفل لمن ينتمي لها ويقيم على أرضها التشريعات والقوانين التي تصون حقوقه وتحفظها وتحترمها، ولكن بالمقابل فهناك ما يجب على من ينتمي لهذا الوطن أن يعي الحقوق والواجبات ويدركها تجاه وطنه، ومنها المحافظة عليه وصون ترابه ومدخراته، والتقيد بتطبيق التشريعات كما أقرتها الجهات المختصة، ومن ضمن تلك التشريعات والقوانين التي تكفلت برعاية المواطن وإعطائها الأولوية القصوى من أجل إبقائه في منأى عن كل ما يسيء له أو يكون سببًا في ضرره سواء أكان ذلك الضرر في بدنه أم ممتلكاته المختلفة؛ عليه فقد سعت الدولة من أجل تلك الغاية السامية التي ذكرت، إلى إنشاء عدة جهات وهيئات ومؤسسات ذات سيادة مستقلة هدفها حماية المواطن والمقيم على حد سواء، والعمل على تقديم الخدمات له، ومن ضمن تلك الجهات، والتي لا تقل شأنًا عن مثيلاتها، هيئة حماية المستهلك، ومنذ إنشاء هذه الهيئة والقائمون عليها يبذلون قصاري الجهد والمثابرة لتأمين حياة مستقرة ومميزة للإنسان الذي يعيش على أرض هذا الوطن، وتطويقه بسياج الأمن الغذائي، وحمايته من المُسْتَهلَك الضار به، إلا أن ما نلمسه بأن الوعي والإدراك من وراء إنشاء هذه الهيئة وأهدافها يكاد يكون غير واضح أو معدومًا لدى بعضنا، أو به خلل من ناحية الاستدراك للأهداف والغايات الحقيقية؛ مما يكون سببًا مباشرًا في الإخلال وعرقلة سير عملها في المسار الصحيح لتأدية واجباتها بالصورة المأمولة، فنجد بعض الكفلاء أو أرباب الأعمال يتسترون على العمالة الوافدة التي تحت كفالتهم، وليس (مسئوليتهم) أو الانبراء للدفاع عنهم؛ وذلك عند إلقاء القبض عليهم بارتكاب أعمال مخالفة للقوانين أو أعمال غش بمختلف مسمياتها وأشكالها، متجاهلين قيامهم بأن هذا الفعل من التستر والدفاع ستكون لهم فيه اليد الطولى في تدمير الوطن والمواطن.

الشيء الآخر والأبرز يجب أن يكون لدى المُسْتَهلِك ثقافة شراء واعية، ذات أبعاد وآفاق تحمل الحرص على سلامته وسلامة وطنه، ولا ينجرف وراء الإعلانات الساقطة التي تستهدف صحته وماله وكرامته، والإصغاء للمهرجين الذين لا يهمهم سوى جمع الأموال من ورائه، ويقدمون مادتهم الإعلانية دون أن تكون لديه المعرفة الكاملة عن نوعية تلك المنتجات والأمور المتعلقة بها، وعلى الجهات المختصة عدم السماح لكل صالح وطالح بتقديم مواد إعلانية إلا بعد حيازته لتصريح منها،
وأيضًا يجب على المستهلك الحرص على فحص المواد والأدوات والآلات قبل شرائها، والتأكد من صلاحيتها وجودتها، وعدم استعمالها إلا للغرض الذي صنعت من أجله فقط، ولا يحمل تلك المواد والآلات فوق الطاقة المقدرة لها، مع ضرورة الاطلاع على التعليمات والإرشادات الواردة في الكتيبات الملحقة بها، وقراءة الملصقات، كذلك يجوز له السؤال عن بلد المنشأ لتلك السلع، ومدة الاستخدام الافتراضي لها، وغيرها من الأمور التي تكفل حقه وتحفظ حياته، وليس عيبًا الاستعانة بذوي الدراية والخبرة قبل الشروع بالشراء والاستعمال.

أيضًا على المستهلك مساعدة موظفي الهيئة في تأدية واجباتهم الوظيفية، فهذا أمر في غاية الأهمية للكشف عن التجاوزات والمخالفات التي يمارسها بعضهم، ومن أهم الأمور في إنجاح هذه العملية والقضاء على مكامن الغش، التأكد أولًا من التجاوزات ووقوعها، قبل الشروع بالإبلاغ عنها؛ لأن بعض البلاغات تكون مسيئة أكثر منها حسنة في حالة ثبوت عدم صحة البلاغ؛ مما يتسبب في بعثرة أفكار موظفي الهيئة وجهودهم، في حين يكون ذلك تشويهًا لسمعة الجهة المُبلغِ عنها وصاحبها.

أيضًا الابتعاد عن التغريدات غير المسئولة التي في كثير من الأحيان تكون عاملًا هادمًا لموظفي الهيئة ومدمرًا لهم، كما نناشد القائمين على أعمال الهيئة بعمل برامج توعوية إرشادية موجهة لكافة شرائح المجتمع لتعزيز الثقافة الاستهلاكية لدى الفرد، علاوة على ذلك طباعة ملصقات باللغتين العربية والإنجليزية، تحتوي على المواد القانونية، وأنواع العقوبات، وأرقام التواصل مع الهيئة، وتعلق في مكان بارز وظاهر للعيان في المحل لإتاحة الاطلاع عليها من الجميع.

كذلك علينا ألا نلقي كامل مسئولية المراقبة على موظفي الهيئة فحسب، فلنا دورنا في مسألة المراقبة والحماية وعلينا دورنا، كما يجب ألا نعيق أعمالهم الهامة، ونشغلهم عنها بأمور لا ترقى لمستوى الاهتمام والالتفات لها، ومن المؤكد أن المستهلك والهيئة المعنية حريصان على أن تسير عجلة الانضباط والتقيد بما يخدم المصلحة العامة، وألا يكون هناك تهاون مع كل من تسوّل له نفسه في التسبب بإضرار الوطن ومكتسباته، والمساس بمصلحة المواطن والمقيم، نأمل أن نكون كلنا في حماية المستهلك.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights