أبهرتني مرباط
سعيد بن خلفان بن سعيد الحكماني
مرباط أنشودة التاريخ والأدب … ومربط الخيل في الأزمان والحقب
نعم هي كذلك، يكفيك حسن الاستقبال والحفاوة من أهلها، فللوصول إليها من صلاله ستقطع 74 كيلومترا تقريبا، وستستمتع بالتضاريس المتنوعة على جانبي الطريق، ولن تشعر بطول الطريق إلا وأنت بين أحضانها، فهي من المدن التاريخية الهامة بمحافظة ظفار، في سهل جبل سمحان فقط التفت قليلا إلى يسارك، ومتع ناظريك بشموخ جبل سمحان وساكنيه، وهناك على ساحل بحر العرب تنتعش مرباط بما بها من العز والتراث، والتاريخ الخالد، وكل ما بها وحولها شاهد على تاريخ سطرت صفحاته من نور، ها أنت تقترب من مينائها، وشواطئها، وأبنيتها المبنية من الطين والحجارة، فمرباط نسبة إلى مربط الخيل، حيث اشتهرت في القرن التاسع الميلادي بتربية الخيول وتصديرها إلى العديد من المواني والمدن العربية والإسلامية، وأفريقيا وأوروبا، بالإضافة إلى تجارة اللبان والمنتجات الحرفية المختلفة؛ لذلك كانت وما زالت تشتهر بالعديد من المواقع السياحية الطبيعية، والمعالم التاريخية والمباني ذات الطابع المعماري القديم، أبرزها حصن مرباط، والسوق القديم في دقة تصميم المحلات القديمة، والمداخل والمخارج ومنازلها ذات السكك الضيقة، فتجعلك تشعر بأن رائحة اللبان والبخور والقهوة وحركة التجار والبحارة والمارة سترجع، وستضج بالسكان إن تم ترميم السوق بالرغم من بساطته ومحدودية مساحته، وقبل أن تدخل السوق ستشاهد حصن مرباط الذي يعد من أهم المعالم التاريخية والأثرية بها، ويطل على ساحل ميناء مرباط القديم (بندر مرباط) ويعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع الميلادي، فمنه كانت تدار دفة الحكم والصلح، وغيرها من أمور الإدارة قديما؛ لذلك أبحرت بخيالي لسنوات مضت، وتخيلتها تعج بالتجار، والبحارة، والسكان من رجال ونساء وأطفال، والسفن المختلفة البوم، والغنجة، والسنبوق، وهي ترسو في مرساها لتتزود بالماء والحطب، وتبحر وهي محملة بالبضائع المختلفة من منتجات أهلها، اللبان والصفيلح، والسمن العربي، والجلود، والخيول وغيرها من المنتجات التي تميزت بها، وبعضها تنزل حمولتها مما جادت بها دول العالم، ولا ننسى فنونها الشعبية التي ما زالت بين فترة وأخرى تقام، وخاصة في المناسبات.
وهنا أقولها: أبهرتني مرباط حقيقة، استمتعت بمنظر الغروب، فهناك تمازج عجيب ورائع بين أمواج البحر الهادئة وسماء زرقاء صافية، وجو عليل يبهج النفس بنسمات مختلطة بروائح البخور، وكأنك تتجول بين البساتين، فالحمد والشكر لله واجب على هذه النعم، وخاصة نعمة الأمن والأمان، فهي مكان هادئ لمن ينشد الهدوء، وخاصة للكتاب والمؤلفين، فهي دعوة من القلب لكل من ينشد كل ذلك .