الرستاق بهمة جماهيره وعزيَمة أبطاله؛ يكتب التاريخ
حمود بن علي الحاتمي
ليلة الأربعاء؛ ليلة رستاقية تاريخية بامتياز، وقد سطر العنابي اسمه مع الكبار ليكون الطرف الأول في المباراة النهائية لبطولة كأس جلالة السلطان المعظم لكرة القدم.
كانت حكاية الصعود للمباراة النهائية بدأت عقب مباراة الذهاب، وبعد رأسية الحوت عبد الرحمن الغساني في مرمى ظفار آمن عنابيو الجبل، أصبح الأمل موجودا، وأن التأهل بأيديهم لا بيد غيرهم، وبتوفيق من الله، واجتهادهم لتحقيق الحلم.
فبعد صافرة الحكم خالد اليعقوبي كان حديث الشارع الرستاقي عن استعدادهم للوقوف مع النادي، وبمبادرة من مجلس جماهير الرستاق والحاضن الكبير لجماهير الرستاق عبر منصاته بالتواصل الإجتماعي؛ اشتعلت بالحوارات حول إمكانية الوقوف مع الفريق، وقد صاغوا مقترحات تم إيصالها إلى إدارة النادي، وتلقتها بكل ترحاب، وسارعت إلى عقد اجتماع مع الفرق الأهلية، وتشكيل لجان لحث الجمهور لمؤازرة الفريق.
استجاب الجميع للدعوة، ولا ضجيج يسمع إلا الاستعداد للمباراة، ولا حديث إلا عن التفاؤل بالفوز.
هذا الفريق يتبرع بحافلتين، وذلك الشاب يتبرع بخمسة آلاف وجبة من مخبزه، وتلك الشخصية تتبرع بمبلغ مالي، والرستاق تلتهب حماسًا ليوم المباراة.. ولعمري، لم أشهد هذا التآزر للرستاق من قبل!
لقد كان يوم المباراة يوما استثنائيا.. الرستاق ليست وحدها، إنما أختها العوابي التي تقاسمها النادي، وأخواتها بركاء، والمصنعة، والسويق، ونخل، ووادي المعاول، وامتد إلى السيب غربًا، وصحار شرقا.
كلهم توشحوا باللون العنابي، فيما القائد وكاتب البطولات للعنابي هلال البوسعيدي يرقب، ويخطط، وينفذ.. وبينما شرع الروماني كاتلين دينو ميهاي إلى معالجة الأخطاء التي وقع فيها الفريق بصلالة، في هدوء تام، ووسط تفاعل ورغبة من نجوم الفريق في رسم البهجة، وكتابة التاريخ.
الإعلام الرياضي كان له دور في حث الجماهير من خلال نشر الأخبار والتغريدات المحفزة لإعلامي الولاية، وفي مقدمتهم رئيس القسم الرياضي بجريدة الرؤية الأستاذ أحمد السلماني.
في يوم المباراة لم أتعمد الحضور مبكرًا، بل وصلت قبل المباراة ببضع دقائق لأرى مشهدا مهيبا لم تعهده مدرجات مجمع الرستاق الرياضي من قبل، فقد امتلأت المدرجات، وهي تتزين بألوان العنابي، عمل عليها رجال مجلس جماهير الرستاق بقيادة ياسر المزروعي ورفاقه، وصيحات تهز جنبات الملعب، ورابطة النادي تطرب الجماهير بوصلات حماسية.
المشهد كان مكتملاً، ووفى الجميع بما وعد به، والثقة والتفاؤل هي اللغة التي يتحدثونها. لم يبقَ سوى ظهور العنابي بكبريائه في حضرة الزعيم صاحب الجولات.
بدأت المباراة والرستاق يفرض سيطرته على ظفار، وكأني لم أشاهد الرستاق من قبل بهذه الروح، وبذلك الإبداع!
هل هذا نادي الرستاق أو ريال مدريد الذي أحرص أن أتابع مبارياته؟ اختلط لدي الأمر في اللون والأداء. هل حضر بنزيما، وفينيسيوس جونيور، وكورتوا، وكاسميرو، ومودريتش إلى الرستاق؟! ما هذا الإبداع؟! ما أجمل هذا الإمتاع!
هل تحول كاتلين دينو إلى كارلوا انشيلوتي؟
وهل تحول الحوت إلي بنزيما؟ وهل تحول حاتم الروشدي إلى مودريتش؟
وتحول محمود الشقصي إلى فينيسيوس؟
هل تحول مجمع الرستاق إلى ملعب سانتياغو برنابيو في الصخب الجماهيري؟
يا لها من ليلة تاريخية؛ انصهر فيها الحب والوفاء للعنابي! هذا المشجع من قرية مري غربا بجانبه شباب العوابي، وأعلاهم شباب القرية والحوقين، وبعدهم شباب جما وبلد سيت، ويتوسطهم شباب عيني، والعلاية، والخليو، والغشب، ووبل، والمزاحط، والوشيل، والأفلاح الوسطي والعالي، ودارس، فيما أتت حافلات قرى وادي بني غافر، ووادي السحتن، وحي السرح وفرقهم، وحي الأمجاد تصدح بأشجان التشجيع، وشباب الحزم والشبيكة كانوا مبكرين، ويستقبلون القادمين بالترحاب.
إنها حقاً ليلة تاريخية كتبت بعرق، وهمة أبطال العنابي.
هدفا عبس والحوت لم يسجلا بأقدامهما فقط، بل سجلا بكل قطرة عرق بذلت من الجميع، كل من سهر وتعب وخطط ونفذ حتى اكتملت الصورة، وصار المشهد بهيا.
أعود إلى منزلي، وأنا أرقب المشهد، كيف عاشت الرستاق هذه اللحمة، وهذا الألق؟!
إدارة النادي السابقة برئاسة إبراهيم السالمي عملت واجتهدت ليكون هذ المشهد؛ فكانت حاضرة وباركت للجميع، ويخرج قائد الفرح هلال البوسعيدي، رئيس نادي الرستاق بتصريح كله امتنان وتقدير لجميع الإدارات السابقة، وكل ومن وطئت رجله أرض العنابي قال لهم بكل إيثار ونكران للذات: “نعم أنتم أصحاب الإنجاز”. هكذا هم القادة.. هكذا يكونون عند الإنجاز، وهذا درس يدرس في علم الإدارة للأجيال القادمة…
الرستاقيون كبر حلمهم، وكبرت طموحاتهم وهم يترقبون الطرف الآخر، ولسان حالهم يقول: “ليس بعد”.
الكاس حلم مشروع لنا، فحن من أخرجنا الزعيم بقوة إرادتنا، وعزيمتنا وتلاحمنا؛ فمن حقنا أن نرى كأس جلالة السلطان المعظم يطوف حول قلعة الرستاق.
من اليَوم نحن جاهزون، وحافلاتنا جاهزة للإقلاع إلى مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر، ونقول للقائمين على تنظيم المباراة النهائية: حددوا لنا مدرجاتنا، فلا وقت لدينا، فجماهير الرستاق جاهزة ليتزين مدرجها بالعنابي، ولديها القدرة على إظهار مدرجها بأبهى صورة متوشحة بألوان العلم العماني، وتكون مصدر فخر في التشجيع أخلاقاً وتعاملا مع منظمي المباراة.
من اليوم بدأ العمل للتخطيط والعمل على تحقيق الإنجاز الكبير.
الجماهير وإدارة النادي يدًا بيد لإكمال الحلم، وبإذن الله تعالى كأس جلالة السلطان المعظم لكرة القدم عنابي هذا الموسم، مع خالص التقدير للسيب الطرف الآخر.