2024
Adsense
مقالات صحفية

المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))

أحمد بن علي المقبالي

الجزء التاسع والثلاثون:
مقالنا اليوم -إن شاء الله تعالى- سوف يكون عن العلاقات العمانية الفارسية في عهد اليعاربة.

– إن العلاقات العمانية الفارسية قديمة جداً، وتعود إلى ما قبل زمن الأسرة اليعربية بوقت طويل، فقد احتلّ الفُرس عمان لفترة من الزمن، وحرّرها منهم القائد العربي مالك بن فهم الأزدي، وقتل القائد الفارسي المرزبان.
وقد اتّسمت العلاقة بين الفُرس والعمانيين بالعداء الشديد نتيحة الأطماع الفارسية في عمان، وفي هذا المقال سوف نستعرض أهم مراحل العلاقة بين الدولتين.

– عام ١٦٢٢م احتلّ الفُرس والإنكليز هرمز، وانتزعوها من يد الاحتلال البرتغالي، ويبدو أن انتزاع هرمز من البرتغاليين شجّع الفُرس على فكرة الهجوم على مسقط واحتلالها.

– عام ١٦٢٥م تلقّى الإنكليز طلباً من الشاه عباس لمساعدته على احتلال مسقط، ولكن البريطانيين رفضوا طلبه، وفضّلوا البقاء على الحياد نتيجة لعلاقتهم الجيدة مع الجانب العماني.

– عام ١٦٣٠م عقد الشاه عباس هدنة مع البرتغاليين، وكان من ضمن شروطها السماح للبرتغاليين بالتجارة في ميناء كنج بنفس الشروط التي تطبّق على الإنكليز في بندر عباس والموافقة على إنشاء حامية مجاورة لحاميتهم في جلفار العمانية، واعتراف البرتغاليين بانتقال ملكية هرمز وقشم للإيرانيين على أن يكون لهم نصف العوائد الجمركية في كنج، وعندما هاجم الإمام ناصر بن مرشد اليعربي الحامية الفارسية في جلفار نشبت معركة عنيفة بين الطرفين، فما كان من البرتغاليين إلا أن دخلوا القتال مع الفُرس، ولكن شجاعة العمانيين وإصرارهم على تحرير بلدهم؛ جعلهم يحررون المنطقة من الفُرس والبرتغاليين معاً، وعادت جلفار إلى حضن الوطن.

– شنّ العمانيون هجوماً شاملاً ضد البرتغاليين على السواحل العربية والفارسية والهندية، وأخذ الأسطول العماني يهاجم البرتغاليين في كل مكان.

– أرسل الإمام سيف بن سلطان جزءًا من أسطوله المكوّن من خمس قطع بحرية لمهاجمة الفُرس في منطقة كنج الفارسية؛ حيث نجحت القوات العمانية بطرد الحامية الفارسية منها، وتم تكبيدهم خسائر فادحة، وعادت القوات العمانية بالكثير من الغنائم. وقد دفعت هذه الانتصارات العمانية الفُرس لطلب المساعدة من الإنكليز لإعاقة السفن العمانية من الوصول إلى المناطق الفارسية، وكان ذلك في العام ١٦٩٥م، كما عرض الفُرس على الإنكليز مساعدتهم للاستيلاء على مسقط مقابل أن تحصل الشركة البريطانية على نفس الامتيازات في بندر عباس، وقد شعر الفُرس بعدم مقدرتهم على مهاجمة مسقط، وكذلك رفض الإنكليز مساعدتهم بسبب قوة الأسطول العماني.

– عام ١٦٩٩م سلم معتمد الدولة الفارسي في أصفهان محمد مؤمن رسالة إلى السلطات الفرنسية في سورات الهندية معرباً عن أمله في أن يحدث تبادل تجاري مع فرنسا، وعرض عليهم التحالف من أجل احتلال مسقط على أن تكون نفقات الحملة والغنائم مناصفة بين الدولتين، وسوف يكون حصنَا الجلالي والميداني من نصيب فرنسا، ولكن الأخيرة لم يكن لديها القدرة على الاستجابة لهكذا الطلب.

– عام ١٧٠٧م ونتيجة لتردد فرنسا بسبب بعض الحروب في أوروبا؛ قدّم جون بيون مذكرة إلى ملك فرنسا بتكليف من الوزير الفارسي الأول، وعرض عليه طلب الفُرس والعروض التي تقدموا بها لاحتلال مدينة مسقط، وكانت الطلبات الفارسية تتضمن أن تقوم فرنسا بإرسال عشر قطع بحرية، وأن تقوم السلطات الفارسية بتسديد نفقات التسليح، ويبقى حصنَا مسقط تحت سيطرة الفرنسيين، ويحصل ملك فرنسا على نصف فوائد احتلال مسقط.

– قرر ملك فرنسا لويس الرابع عشر ووزراؤه بدء المفاوضات مع الحكومة الفارسية حول الاستيلاء على المدينة، وفي عام ١٧٠٨م كان المبعوث الفرنسي فكتور ميشيل يجري مفاوضات في أصفهان لعقد معاهدة مع الفُرس، ولكن هذه المعاهدة لم تحقق النجاح المطلوب بسبب تردد الفرنسيين في مساعدة الفرس.

– عام ١٧١٤م أرسل الشاه سلطان حسين مبعوثه الخاصّ محمد رضا بك إلى بلاط الملك لويس الرابع عشر لطلب المساعدة ضد العمانيين، وقد تم استقبال المبعوث الفارسي بحفاوة من الملك الفرنسي في قصر فرساي، وتم إبلاغ الفرنسيين أن الهدف من التحالف الفرنسي الفارسي هو القضاء على قوة الأسطول العماني القوي الذي أصبح تهديداً لا بدّ من القضاء عليه.

– عام ١٧١٥م تم توقيع معاهدة بين الطرفين، ولكن لم يرِد ذِكر لاتفاق خاصّ بالهجوم على مسقط الذي تمّ الاتفاق عليه شفوياً، كما تم الاتفاق على إرسال ضباط فرنسيين للوقوف على ما يمكن للحكومة الفرنسية أن تقدّمه الفُرس، ولكن وفي عام ١٧١٦م توفي الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا؛ لذلك لم يتم إقرار المعاهدة.

– عام ١٧١٧م استولت القوات البحرية للأسطول العماني على البحرين وجزيرتي قشم ولاراك، وفرضت حصاراً على هرمز، وقد أذهلت تحركات الأسطول العماني الفُرس، وأصابهم الذعر والهلع؛ لذلك أسرعوا بإرسال وفد إلى حاكم البرتغال في الهند دوم لويس دي ميتري لطلب المساعدة ضد الأسطول العماني، وتم توقيع معاهدة تعاون وتحالف بين الطرفين في العام ١٧١٩م.

– تحرك أسطول برتغاليّ من العاصمة البرتغالية في الهند جوا إلى الخليج، واتخذوا من جزيرة كنك الفارسية قاعدة لهم، وسبحان مقلّب الأحوال! ففي هذا التوقيت توفّي الإمام سلطان بن سيف الأول، واندلعت الحرب الأهلية في عمان، وأصبحت الفرصة مواتية لاحتلال مسقط، ولكن حدثت خلافات فارسية برتغالية حالت دون تنفيذ الاتفاقية، فعاد الأسطول البرتغالي إلى جوا دون أن يحقق شيئاً.

– عام ١٧١٩م قامت الحكومة الفرنسية بإرسال أتينيه بادري إلى فارس في مهمة مزدوجة، وهي كالتالي:

١- تعيينه قنصلاً في شيراز.

٢- التفاوض مع الفُرس بخصوص مسألة احتلال مسقط.

– حصل القنصل الفرنسي على أمر بالتفاوض مع حاكم فارس بخصوص ما سوف تجنيه فرنسا من مساعدة الفُرس لاحتلال مسقط، وإذا تمّت المفاوضات بنجاح منح القنصل صلاحيات الطلب من شاه فارس إرسال المبلغ اللازم لتمويل الأسطول، وأن يضع على أهبة الاستعداد 30,000 ألف رجل إذا اقتضى الأمر.

– قام القنصل الفرنسي بعقد مقابلة ناجحة مع اعتماد الدولة محمد قلي خان بخصوص مسألة مسقط، وتم الاتفاق بين الطرفين على أن يقوم الفُرس بإعداد القوات البرية اللازمة على أن يتم تقسيم الغنائم بين الطرفين.

– في مارس ١٧٢٢م تم التصديق على المعاهده بين الفُرس والفرنسيين، وفي هذه الأثناء قامت القوات الأفغانية بمحاصرة أصفهان واحتلال أجزاء كبيرة من دولة فارس، وكذلك فعل الرّوس؛ لذلك أصبحت المعاهدة الفارسية الفرنسية حبراً على ورق، ولم يتحقق للفرنسيين أيّ فائدة تُذكر، وقد أجّلت هذه الأحداث الخطة الفارسية للاستيلاء على عمان عدة سنوات.

– عام ١٧٣٦م استولى نادر شاه على إيران كلها، واتجهت أنظاره إلى الخليج العربي بشكلٍ عامّ وإقليم عمان الواسع بشكلٍ خاصّ، وأتتهُ الفرصة الذهبية في عام ١٧٣٦م عندما حدثت الحرب الأهلية العمانية بطلب الإمام سيف بن سلطان الثاني المساعدة من الشاه الفارسي.

– وقد قام الفُرس بثلاث حملات حربية على عمان انتهت جميعها بالفشل الذريع بعد أن تسبّبت بالخراب والدمار في الدولة العمانية، وهي كالتالي:

١- الحملة الأولى في عام ١٧٣٧م.
٢- الحملة الثانية في عام ١٧٣٨م.
٣-الحملة الثالثة من عام ١٧٤٢م إلى العام ١٧٤٤م.

– هذه الحملات كانت آخر العمليات العسكرية للفُرس على عمان، وإن استمرت بأشكال مختلفة في فترات زمنية لاحقة.

– من خلال ما سبق؛ يتضح مدى أهمية عمان ومدى الأطماع الفارسية فيها؛ لموقع عمان الاستراتيجي، وكذلك اتّساع الدولة العمانية لتشمل القارّة الأفريقية والأسيوية، وكذلك شمول الحدود العمانية على معظم الساحل المقابل للسواحل الفارسية؛ حيث تمتد حدودها من مسندم إلى حدود البحرين، والدولة التي تسيطر على عمان سوف تستولي على أراضٍ شاسعة جداً.

مقالنا القادم -إن شاء الله تعال سوف يكون عن الأوضاع الداخلية لعمان بعد وفاة الإمام سلطان بن سيف الأول اليعربي عام ١٧١٩م.

المصدر:
– اليعاربة أمجاد وبطولات

المؤلف:
الدكتور أيمن محمد عيد

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights