المدرسة…حياة التقدير
د. محمد بن أحمد بن خالد البرواني
محمد للاستشارات الإدارية والتربوية
alnigim@gmail.com
التقدير قيمة قابلة للاستخدام كتقدير الأشياء المختلفة من وقت أو قول أو إحسان أو غيره، فتقدير الوقت الحفاظ عليه وإشغاله بما يجب، والالتزام به من حيث التوقيت والوصول في المواعيد المحددة، وإنجاز العمل في الوقت المحدّد وعدم تأخيره، أما تقدير الإحسان فبالإحسان بمثله أو أكثر منه؛ حيث يقول الله تعالى:﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:٦٠] ، وتقدير القول بالاستماع إليه والإنصات واتباع أحسنه، وعدم القول الجارح، والبعد عنه؛ حيث قال الله عز وجل:﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَليمًا﴾ [النساء:١٤٨]، والتقدير أعلى منزلةً من الاحترام، فالكبير يوّقر الصغير ويقدّره، والصغيرُ يحترم الكبير؛ فاحترام الصغير للكبير شيء معنوي، وتقدير الكبير للصّغير بقيمة مقدّرة، يقدّمها هو.
إن جوانب التقدير التي مررتُ بها كثيرة وعظيمة، إلا أنّ أكثرها أثراً تلك الحاجة التي أُمرت أن أحملَها، وأنا في عُمرِ التاسعة للوالدة صفية بنت عامر بن حمد السناوية الحارثية – رحمة الله عليها- ، وعندما وصلت وسلّمت المراد؛ هممتُ بالعودةِ إلى البيت إلا وهذه المرأة الطيبة الوقورة المقدِّرة التي بلغت الستينات من عُمرها تمنعني من العودة دون أن أنال من كرمها وتقديرها شيئا، فطبخت ما كان بحوزتها بفرحةٍ عارمة وصدر منشرح؛ لينال الصبي ذو التسع سنوات ذلك التقدير العظيم الذي لا يزال أثره في نفسي إلى يومنا وسيبقى.
وليس هناك أوجب تقدير حظيتُ به من جدتي -رحمها الله تعالى- وأخيها رفيق دربها -رحمه الله تعالى- فقد كان تقديره لكلّ صغير ينحت لهم الجمال بكربِ النخيل، ويعملُ أشكالاً بخوصه، ويقدّمها للأطفال، كما كان سيلاً دافقاً لكلّ سبيل.
ربي عطى ناصر مناه وتمِّ
حاشم صباه ولا قعد متيمِّ
لا يحسب للصلحه وخسرٍ كمِّ
صقرٍ على شيب الغوارب همِّ.
ونحن اليوم نحتفلُ بيوم المعلّم ما أحوجنا إلى هذا التقدير للمعلم الذي ما فتئ يقدّم ما ينوّرُ به بصائرَ أبنائنا، ويلهمُ عقولهم، ويفجّر طاقاتهم!
إنّ المعلم للشعوب حياتها
ودليلها وعطاؤها المتفاني
فإذا سألت عن الشعوب فلا تسل
عن غير هاديها فذاك الباني
إنّ من جوانب تقدير المعلّم تقديم بطاقة له تسهّل له عملية الشّراء، وأن تقوم الصِّحافة بنشرِ إنجازاتهم، وإبراز يومهم، وأن يصدح الشعراء في مختلف جوانب وسائل الإعلام بدوره، وحثِّ الناس على تقديره تقديراً لعطائه.