بنك الإسكان العماني، منظومة بحاجة إلى إصلاح
أحمد بن سليم الحراصي
في الوقت الذي بدأت فيه أوضاع البلاد تهدأ وتتجه نحو إصلاح ما تم هدمه في السنوات العجاف، وهو الإصلاح نفسه الذي رأيناه واضحا في ما قام به جهازا الاستثمار العماني والرقابة المالية مشكورين في مراقبة أداء الوحدات الحكومية إداريا وماليا واستثماريا، ومع هذا فإنه لا تزال هناك وحدات حكومية تحتاج إلى إعادة النظر فيها وإعادة صياغتها إداريا وماليا -إن صح القول- ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يعانيه المواطنون في بنك الإسكان، فما المعاناة التي من الممكن أن تكون؟
قبل مدة ليست ببعيدة، أحد المواطنين الذي قدَّم طلبه إلى بنك الإسكان منذ العام 2018، يُخبرني معاناته في هذا البنك حيث يقول: بعدما تم تأكيد طلبي في حصولي على قرض من بنك الإسكان، سعيت لاستلامه والشروع في بناء بيت المستقبل وكنت حقيقة متفائلا جدا بعد انتظار طال أمده، ولكن ما فاجأني بأن موظف بنك الإسكان أخبرني بأنهم لن يعطوني مبلغا كدفعة مقدمة في بناء أساس البيت للمقاول الذي اتفقنا عليه، وعليه فإن الدفع المبدئي يجب أن أدفعه أنا من حسابي الخاص وهذا فقط لبناء أساس المنزل وعند إتمام الأساس سيتم دفع القرض لي تباعا! يعني دون بناء الأساس من جيبك الخاص لن تستلم قرضك.
ما أحزنني هو أنني لا أمتلك مبلغا كدفعة مقدمة أعطيها للمقاول، فهل عليًَ أن أأخذ قرضا من بنك تجاري؟ خاصة وأن البنك التجاري نفسه سيسترد هذه المبالغ مع الفائدة، ومع ذلك فبنك الإسكان سيأخذ فائدة أيضاً يعني هذا سأضطر للتعامل مع بنكين ينهشاني كنهش الكلاب الضالة كل شهر يؤخذ من راتبي خصما للبنكين مع فوائد ربوية مربحة لهما، ثم قال أنه لو كان لديَّ هذا المبلغ لما اضطررت لأخذ القرض أساسا وسأؤسس بيتي بنفسي.
إذاً، المشكلة هي أنه كمواطن بسيط أو باعتباره من أصحاب الدخل المحدود، من أين له برأس مال قد يتجاوز الألفين ريال خاصة وأنه لديه مسؤوليات أخرى ولا أعتقد أنه لا توجد لديه ديون، فهناك العديد من المواطنين من لديهم ديون كثيرة لم يسددوها بعد؛ نظرا لقلة الراتب الشهري الذي يستلمونه ثم يأتي بنك الإسكان هذا ويقصم ظهره فيزيده دينا آخر فوق ديونه.
وفي الوقت نفسه يطالب الكثير من المواطنين لتحفيزهم في استثمار أرضهم وهذا لا يأتي دون أن يكون هناك متطلبات، وتكون في تعزيز رأس مال بنك الإسكان، وتسريع صرف القروض دون تأخرها بحيث تكون في أقل من المدة المعتمدة وهي ما يقارب الثلاث سنوات فتخفض لأقل من هذه السنوات، مع خفض أيضاً نسبة الفائدة على القروض السكنية، كذلك أيضاً في رفع المخصصات المالية للقروض الإسكانية بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، كما يجب أن يكون هناك تنسيقٌ بين وزارة الإسكان وبنك الإسكان في تسريع حصول المواطنين على أرض مقابل قرض من بنك الإسكان في الوقت نفسه دون تأخير، فليس كل المواطنين لديهم بديلا في شراء منزل، فبعضهم بحاجة إلى بناء منزل المستقبل الذي يخطط في بنائه في الأرض التي تقدم لها في وزارة الإسكان وفوق هذا فإن المواطن أيضاً مهضوم حقه في اختيار تصميمه لبناء منزله كلاً حسب أذواقه وميوله ولا أعتقد بأنه ستوجد مشكلة في جعل الناس يختارون الطريقة الحرة والمناسبة في تأسيس منازلهم فاتركوا الناس لاختيارهم وليس لاختياركم.
أنا من أولئك الذين ينتظرون قرضا من بنك الإسكان لكنني لا أريد أن أكون ضحية رباء بين البنوك التجارية ولو أن فائدة بنك الإسكان هي رباء ولكن ما الذي يستطيعه مواطنٌ دخله الشهري ليس مؤهلا للادخار في مدة قصيرة ليبني له بيتا دون أن تأخذ سنوات طويلة تتعدى الخمس سنوات، فالأمر إذاً يحتاج إلى إعادة النظر في كيفية إدارة هذه المنظومة لتتناسب مع احتياجات المواطن البسيط، فالمال هو كل ما ينهك كاهل المواطنين؛ لأن اليد القصيرة لا تطول مهما فعلت بها لإطالتها ولكن اليد الطويلة هي من تنتشلها وتساعدها وأعني باليد الطويلة هنا هي الدولة، فالدولة وحدها من تنقذ المواطنين من هذا الظلم والإجحاف فعسى أن يكون ذلك قريبا.