2024
Adsense
مقالات صحفية

رحلة مع موهوب… المحطة الثانية (1)

د. إنعام بنت محمد المقيمية

عندما يغالي الوالدان في الاحتفاء بذكاء وعبقرية ابنهم الموهوب، فيدفعانه نحو المشاركة في الأنشطة المدرسية، وحفظ الاشعار وقراءة التاريخ، ومواضيع التعبير، وحل المسائل الرياضية المعقدة، ويثقان بأنه قادر على حل جميع المشاكل التي تصادفه، ويتلقى منهم الكثير من المدح والثناء على الإنجازات التي يقدمها.
لم يبلغ من العمر ثلاثة عشر، متفوق دراسيا، ومحب للقراءة والاطلاع، كان فصيحا وبليغا، وتجد في عينيه النبوغ، يتحدث بثقة وكأنه فيلسوف صغير، يُكثر من الجدل، وقوي الحجة والبرهان، ويتعمق في النقاشات حتى تكاد تصرخ في وجهه أن النقاش معك عقيم! لم يكن حديثه مناسب لعمره؛ فهو يتحدث عن الأمة الإسلامية، وتخلفها وتراجعها، وكيف يمكن أن تعود لنهضتها؟! فحسبت نفسي أتحدث مع الدكتور طارق السويدان، وبعد حديثي مع والديه عرفت بأنه مولع بمشاهدة برامجه، وأنه يقضي الساعات للاستماع له.
لم يدرك الوالدان بأن طموحاتهم العالية والمبالغة في تقدير تفوق طفلهم الموهوب، ودفعه نحو المزيد من النتاج العقلي والمهاري قد يثقل كاهله، ويفسد عليه النمو الطبيعي؛ لأنهم لا يعرفون أن نمو الطفل الاجتماعي والعاطفي قد لا يكون على مستوى نموه العقلي، وفاتهم أن النمو المتكامل في الطفل الموهوب هو سبيله في الإبداع.
لقد كان يعاني من بعض الأفكار غير العقلانية، مثل: يجب أن أكون محبوبا من الجميع، يجب أن أكون منجزا في جميع مجالات الحياة، يجب أن تسير الأمور حسب رغبتي، إذا أخفقت في القيام بشيء ما فأنا فاشل. كان يضع لنفسه معايير وتوقعات عالية عن نفسه، كان حريصا أن يحصل على أعلى الدرجات المدرسية، وليس على أساس القيمة الشخصية، فكان كثير اللوم لذاته، يعاني من ضغط كبير أثناء حل الواجبات، وتوتر شديد أثناء أداء الامتحانات، كان يخاف من الفشل ومن فقد محبة والديه.
كاد يفقد علاقاته مع معلميه وزملائه وإخوته، لديه تشوش في البناء القيمي والتفكير الأخلاقي، ساخطا على أنظمة المجتمع، يكثر من الأسئلة الاستفزازية عن فلسفة الوجود، لقد كان موهوبا ينشد الكمال……. للحديث بقية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights