المُستشفى السُّلطاني يتمكَّنُ من إجراء ٤ عمليات زراعة للكلى خلال أسبوع واحد
مسقط – العمانية
تمكّن فريقٌ طبيٌ مُتخصّصٌ بزراعة الأعضاء بالمُستشفى السُّلطاني من إجراء ٤ عمليات زراعة للكلى خلال أسبوع واحد عبر تقنية المناظير الجراحية المُتقدمة لمرضى يُعانون من فشل كلوي مُزمن منها حالتان للأطفال وحالتان للكبار.
ويأتي هذا الإنجاز في إطار نجاحات البرنامج الوطني لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، والذي تم تقنينه بإصدار اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية في عام 2018م، ويهدف إلى الإسهام في تنظيم الأهداف والمبادئ المُقررة في مجال نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، وإضافة للأدوار العلمية في مجال البحوث السريرية المرتبط بنقل الأعضاء والأنسجة البشرية.
وضم الفريق الطبي طاقمًا من المُستشفى السُّلطاني هم: الدكتور محمد العبري، والدكتور خالد بن عيسى البلوشي، والدكتور محمد صلاح، والدكتورة شذى بنت ناصر الزعابية، والدكتور أشرف عبدالسلام، والدكتورة نوال الشرجية ، والدكتور محمد الريامي، والدكتورة نيفين بنت إبراهيم الكلبانية، والدكتور صادق بن عبدالرضا اللواتي، والدكتور فيصل بن سالم الإسماعيلي، والدكتور عيسي بن سالم السالمي، والدكتور محمد حامد، والدكتورة مروة البلوشي، والممرضة كاذية بنت محمد الحبسية إضافة للفرق الأخرى المساعدة، وبمشاركة الدكتور فروز أمير من ذوي الخبرة في مجال زراعة الكلى وجراحة المناظير المتقدمة بهدف تبادل الخبرات وتعزيز المهارات في مجال زراعة الأعضاء.
وقال الدكتور قاسم بن أحمد السالمي، مدير عام المستشفى السُّلطاني لوكالة الأنباء العمانية: “يُعدُّ المستشفى السُّلطاني من المؤسسات الصحية الرائدة في المنطقة في مجال تقديم الخدمات الصحية المتخصصة والدقيقة في مختلف المجالات والتخصُّصات، ويأتي قسم زراعة الأعضاء بالمستشفى ومنذ استحداثه في عام 2019م ليُمثل أحد أهم الأقسام التخصُّصية والذي ينظم عملية نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.
وأضاف: إن ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية بإجراء 4 حالات لزراعة الكلى يأتي استمرارًا لسلسلة الجهود المبذولة لزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية ويؤكّد على جاهزية المستشفى وكفاءة الكوادر الوطنية في القطاع الصحي لإجراء مختلف العمليات الجراحية والتعامل مع الحالات الصحية المختلفة مواكبةً لرؤية السلطنة لوضع النظام الصحي على خارطة الأنظمة الصحية الرائدة عالميًا بشكل عام ومجال زراعة الأعضاء على وجه الخصوص، تماشيًا مع آخر التطورات العلمية وتطبيقًا لأحدث البروتوكولات العالمية في إطار المنظومة التشخيصية والعلاجية.
وأكّد أنّ حكومة سلطنة عُمان حرصت على الاستثمار في الكوادر البشرية باعتبارهم الركيزة الأساسية وأدوات تنموية لصناعة نهضة شاملة ليكون العُماني محورًا للتنمية وأداتها الفاعلة إذ انعكس ذلك جليًا في القطاع الصحي حيث تم تأهيل الطواقم الصحية بمختلف تخصصاتهم من خلال ابتعاثهم للدراسة في أفضل الجامعات العالمية لصقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم لرفد سوق العمل الصحي بأعلى المهارات وبالتالي هيكلة البرامج الصحية بكوادر محلية قادرة على قيادة القطاع الصحي في مختلف المجالات وصولًا لمصاف الدول المتقدمة في المجال الصحي.
وأشارت الدكتورة نيفين بنت إبراهيم الكلبانية استشاري أول أمراض الكلى لدى الأطفال ورئيس قسم زراعة الأعضاء في المستشفى السُّلطاني لوكالة الأنباء العُمانية إلى أنّ عملية زراعة ونقل الأعضاء تُعدُّ من أهم العمليات الرائدة في القطاع الصحي، وتتم من خلال نقل عضو سليم من جسم إلى آخر، بهدف استبدال العضو التالف أو الناقص في جسد المتلقي، كما أنها تمثل أهمية كبيرة للمرضى الذين يعانون من فشل أو قصور في الأعضاء بحيث تستبدل الأعضاء المريضة بأعضاء سليمة لتُعطي أملًا جديدًا للمرضى بما لا يتعارض مع سلامة وصحة المتبرعين.
وأضافت أنّ عملية الاستعداد للتبرع وفق أحدث الأنظمة العالمية وضمان جاهزية المتبرع والمتبرع إليه من خلال فريق متكامل يشمل التخصصات التالية: أطباء أمراض الكلى وجراحة المسالك البولية ، وجراحة المناظير المتقدمة ، أطباء التخدير، أطباء القلب، أطباء العناية المركزة- أطباء الأمراض المعدية وأطباء أمراض الدم وبنك الدم وأطباء الصحة النفسية- والفئات المساعدة كممرضات زراعة الأعضاء والتمريض-أطباء الاشعة- واختصاصيو التوجيه الاجتماعي و الصيدلة والتغذية والعلاج الطبيعي كما تقوم غرف العمليات والمخازن الطبية بدورٍ فاعلٍ في إنجاح عمليات زراعة الأعضاء.
وأشارت إلى أنّ آليات وضوابط تقييم الحالات تتم من خلال إجراء الفحوصات وتقييم الحالات ومتابعة المريض والمتبرع ومنحهم الدعم المعنوي والاجتماعي أثناء رحلة الزراعة ، كما أن الفرق المشاركة في هذا المجال تسعى جاهدة لتأمين سلامة كل من المتبرع والمريض وخلو العملية من أية ضغوطات نفسية، عائلية أو مالية تماشيًا مع كافة القوانين العالمية في هذا المجال ، وذلك من خلال متابعة المتبرع والمتبرع إليه متابعة مكثفة خلال رحلة العلاج بداية بمرحلة ما قبل العملية لتأكد سلامة المتبرع وقدرته على التبرع دون أضرار ثم متابعات متواصلة بعد العملية الجراحية لضمان نجاح العملية الجراحية
وأكّد الدكتور محمد بن سعيد العبري، استشاري جراحة السمنة والجهاز الهضمي العلوي وجراحة المناظير المتقدمة بالمُستشفى السُّلطاني لوكالة الأنباء العُمانية أنّ عمليات المناظير المُتقدمة أحدثت نقلة نوعية في العمليات الجراحية بشكل عام وجراحة زراعة الأعضاء بشكل خاص.
وأضاف: جميع عمليات استئصال الكلى من المتبرعين تمت عن طريق عمليات المناظير الجراحية المتقدمة ، فقد مثل ذلك أهمية كبيرة بتقليص عدد أيام التنويم في المستشفى وأصبح بإمكان المريض مغادرة المستشفى خلال يوم أو يومين بعد إجراء العملية الجراحية، إضافة إلى الشعور بألم أقل من الجراحة المفتوحة والحصول على فترة تعاف قصيرة، إذ أنّ مثل هذه العمليات تعطي الأفضلية في التقليل من احتمالية الالتهابات بعد العملية بنسبة أقل من العمليات المفتوحة وتقلل من نسب الالتصاقات التي تصاحب العمليات المفتوحة في الكثير من الأحيان.
من جانبه قال الدكتور خالد بن عيسى البلوشي، استشاري جراحة مسالك بولية وزراعة الكلى بالمستشفى السُّلطاني لوكالة الأنباء العُمانية: ” إنّ إجراء عمليات التبرع بالأعضاء بشكل عام وعمليات التبرع بالكلى بشكل خاص يمثل دلالة واضحة على قدرة المنظومة الصحية لإجراء مثل هذه العمليات، خاصة في ظل التزايد الكبير في أعداد المرضى الذين يعانون من الفشل العضوي بجميع أنواعه وفي جميع المراحل العمرية”.
وأضاف أن هيكلة وتقنين برنامج نقل الأعضاء والأنسجة البشرية يتيح الفرصة لمرضى الفشل العضوي لتلقي العلاج في سلطنة عُمان بأعلى جودة مُمكنة ووفق أحدث الأنظمة والبروتوكولات العالمية وبالتالي تجنب السفر للخارج وتحمل الكثير من الأعباء المالية والمعنوية.
وأكّدت الممرضة كاذية بنت محمد الحبسية عضو في فريق زراعة الأعضاء بالمستشفى السُّلطاني على أنّ جانب التمريض يُمثل أحد أهم الأدوار المحورية في عملية زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، حيث يقوم طاقم التمريض بمتابعة المرضى على مدار الساعة لحالة المريض والتغيرات الحيوية والسريرية التي قد تطرأ على المتبرع أو المتبرع وبالتالي التعامل اللحظي مع الموقف وفق أعلى نماذج الرعاية الصحية في مجال زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، هذا بالإضافة للمشاركة الفاعلة في رحلة العلاج بداية بتقييم الحالات قبل العملية، أثناء العملية ثم المتابعة المتواصلة للمريض بعد العملية الجراحية.
وأضافت: تم تأهيل طاقم التمريض وفق أفضل الممارسات في القطاع الصحي مما يمكن الطاقم بتقديم أفضل دراجات المهنية والاحترافية إلى جانب الأدوار السريرية هناك الأدوار النفسية والاجتماعية يقدمها طاقم التمريض بمشاركة بقية الطواقم الأخرى لتقديم أفضل رعاية وعناية لمرضى زراعة الأعضاء.
ويُمثلُ البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء أداة فاعلة لتسريع وتيرة عملية زراعة الأعضاء، وبالتالي حصول مرضى الفشل العضوي على حياة جديدة تمكنهم من العيش بين ذويهم في حياة أفضل وأقل معاناة. وقد نجحت السلطنة محليًا في إجراء أول عملية لزراعة الكلى في عام1988م لتتوالى الجهود بعد ذلك، حيث بلغت عدد حالات زراعة الكلى حتى الآن (314) حالة.
ويحظى مجال التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية بالكثير من الرعاية والاهتمام من قبل وزارة الصحة والجهات ذات الاختصاص، حيث تعمل الوزارة جاهدة لتهيئة البيئة المناسبة وتوفير الأدوات وتجهيز غرف العمليات بالإضافة إلى صقل الكوادر العمانية لمواصل العمل لتقديم الرعاية الصحية المناسبة وإجراء المزيد من العمليات مستقبلا.
يُذكر أنه في العام الماضي 2021م تحققت الكثير من الإنجازات على المستوى الوطني في مجال التبرع بالأعضاء منها إنشاء البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء والرابطة العمانية لزراعة الأعضاء، وإجراء أول عملية جراحية لزراعة الكبد لطفل في سلطنة عُمان.
وقد أطلقت وزارة الصحة مؤخرًا تطبيقًا إلكترونيًا يتيح الفرصة لمن يرغب في التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، للإسهام في زيادة عدد المتبرعين وإجراء المزيد من العمليات الجراحية وبالتالي التقليل من قوائم الانتظار خصوصًا المرضى الذين لا يوجد لهم مُتبرع.
وتأتي هذه الجهود في ظل النقص الشديد في الأعضاء البشرية والذي يمثلُ أحد أهم التحديات التي تواجه برامج زراعة الأعضاء حول العالم بشكل عام وسلطنة عُمان بشكل خاص، باعتبار أن الإنسان هو المصدر الوحيد للأعضاء البشرية وبالتالي جاءت مثل هذه الجهود لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء والتشجيع على المُبادرة في التبرع لإنقاذ حياة الآخرين حسب الضوابط والقوانين المتبعة في هذا المجال.