2024
Adsense
ثقافة وفنون

خيوط القمر.. كالظل.. كالنور

سميحة الحوسنية

هناك في تلك الطرقات العتيقة ممزقة الجسد تضيئها قناديل معلقة في السماء.. ترتجف القلوب من صقيع الأشواق وقد تجمدت الأمنيات تحت أكوام ذلك الثلج المخضب بحمرة متوهجة بالحنين لتلك الخطوات على أرصفة متهالكة تتبعثر منها أوراق الصفصاف وتسكرها رائحة الكافور المنبعثة من جنائز الذكريات.

هناك بقايا زجاج لنظارة العجوز (جوزيف) بعد أن سقطت وتحطمت تحت أقدام المارة في ذلك الطريق المعوج يتألم عندما يسمع أنينها تحت الأقدام، وحدها (مارلين) من ترى رقصات النجوم، وتقاذف الأنوار الصاخبة في ليلة قمرية في مهرجان الأضواء، هي من تجيد عد النجوم؛ فيداعب النعاس عينيها الزرقاوين كأنهن بحر يحتضن مراكب الأشواق وتهيج أمواجه في ظلمة الغسق؛ لتشق سواقيه في وجهها دروب الحنين لأب غائب في زوبعة الرحيل؛ فيكشف ديسق الفجر دموعها المتجمدة.

خيوط الصباح تحتضن الظل ليبدأ يومها في مشاهد الحياة.. تساقط الثلج ليوقظ المعاطف الدافئة النائمة التي اشتاقت لروح الأجساد، فالمعطف الأبيض المعطر برائحة الخزامى والأوركيد الأبيض يشتهي أن يخرج في نزهه على بحيرة لتستمع إلى ثرثرة البجع.

من مدفئة صانع الخبر تنبعث رائحة زكية للمعجنات والكعك المحلى بمربى التوت والفراولة.. تلتهمها أنوف المارة ويتذوق فتاتها بشراهة ذلك العجوز الذي افترش وشاحا مزركشا لسيدة خمسينية كانت تقف في انتظار القطار، فسقط كهدية في المحطة لتلتف حول جسده النحيل تدفئه من ويلات الصقيع.

فتاة النور تتراقص مع الجليد بشعرها الذهبي، وعيناها ترنو إلى السماء علها تلمح أجيادًا بيضاء قادمة تحملها؛ لتصبح نجمة لامعة وتختفي تارة مع ديسق الضباب..

ستغني الأمنيات وستعزف الأحلام وسيراقص الظل خيوط النور.. هناك سيقام مهرجان الأضواء تحت قبعة المساء سنشاهد زفاف اللحظات.. وستنثر شقائق النعمان وبنات نعش عبير عطرها لتفعم الأجواء وحدها الأقدار تصفق عند اكتمال المشهد وإسدال الستار.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights