الرعاية النفسية والاجتماعية للموهوبين (11)
د. إنعام بنت محمد المقيمية
تتباين آراء العلماء والباحثين بشأن كيفية التعامل مع الطلاب الموهوبين في المدرسة؛ حيث يرى الفريق الأول ضرورة التدخل المبكر في حياة الموهوبين بتطبيق طريقة التجميع؛ لتنمية إمكاناتهم وقدراتهم، ومساعدتهم على التوافق معها، وتزويدهم بوسائل التعايش مع بيئات ثقافية متنوعة، ويتحقق ذلك بفتح مدارس خاصة بالموهوبين Special School For Gifted ؛ لتوفير بيئة تعليمية تناسب عينة متجانسة من الطلاب مرتفعي القدرة، تقدم لهم البرامج التعليمية والمناهج الدراسية على نحو خاص جدا يناسب إمكاناتهم المهولة، كأعداد الكوادر والكفاءات العلمية المتخصصة في المجالات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية للمجتمع، وتوفير فرص الإبداع العلمي للطلبة الموهوبين في المجالات المختلفة.
وتبدو مبررات هذا الفريق من أنه: ترتفع نسبة استفادة الموهوبين من الطلاب للتعلم معا، كلما كان مدى التباين بين مستوياتهم صغيرًا، كما أن وضع الموهوبين في مجموعة متجانسة يدفعهم جميعًا إلى البحث والتفكير ومناقشة الأفكار على مستوى عال، ويؤدي ذلك إلى النمو السريع في مختلف جوانب الشخصية، كما يجعلهم يُكوّنون مفهوما واقعيا عن أنفسهم، والتعرف على نواحي القوة والضعف في شخصياتهم.
ويعارض فريقٌ ثانٍ من هؤلاء العلماء والباحثين التوجه السابق الذي يقضي بعزل الموهوبين عن قرنائهم من العاديين، ويرون أن الأسلوب الأفضل في التعامل مع الطلاب الموهوبين هو الدمج ضمن الطلاب العاديين، وبالفصول العادية، ويبدي هذا الفريق تعاطفا مع العمال والبسطاء.
وتبدو مبررات هذا الفريق الأخير فيما يلي: إن منح الموهوبين عناية خاصة لا يتفق مع المبادئ الديموقراطية التي تنادي بمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين جميع الطلاب، كما أن تجميع الموهوبين في برامج خاصة بهم تعمل على خلق طبقة من الأفراد تشعر بتميزها عن غيرها ويتنافى ذلك مع طبيعة المساواة، فقد تنمي اتجاهات سلبية بين العاديين تجاه الموهوبين كالغيرة، والحسد، والكره، ومن ناحية أخرى تحرم الموهوبين من فرص التدريب على الزعامة والقيادة واستثارة طاقاتهم العقلية.
إلا أن أغلب العلماء والباحثين أجمعوا على تطبيق برامج الإثراء التعليمي الذي يمتد أثره على جميع الطلاب على اختلاف مستوياتهم، فبرنامج الإثراء يتضمن ثلاثة مستويات من الأنشطة: المستوى الأول والثاني منها يوجهان لجميع الطلاب بما فيهم الموهوبون، بينما المستوى الأخير لا يتناسب مع غير الموهوبين، وهذه المستويات هي: أنشطة عامة تتضمن الموضوعات التي يميل إليها الطالب، وغير ممثلة بالمنهج الأساسي، وأنشطة لتنمية استراتيجيات حل المشكلات والتفكير الابتكاري، وأنشطة فوق إثرائية، أو بالأحرى إسراع الموهوبين في قلب المنهج، ويتولى تنفيذها معلم ذو تدريب عالٍ ومواصفات خاصة، وتحتاج لغرفة المصادر…. وللحديث بقية.