معايير الجدارة لاختيار الموارد البشرية من وحي القرآن الكريم
صالح محمد خير الكعود
باحث وطالب دكتوراه في التنمية البشرية
الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا
سبحان القائل في محكم التنزيل:
“ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لك شيءٍ وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين” ( النحل89).
لم يترك ربنا عزّ وجل شيء إلّا وقد بيّنه ونظّمه وأشار إليه في كتابه العظيم، وهنا نورد لكلٍّ من رجال الأعمال وطالبي فرص العمل معايير الجدارة لاختيار فرق العمل في مختلف الأعمال.
يمكن القول إنّه وبشكل رئيسي هناك نوعين من العاملين في المؤسسات التجارية، موظفين يتم تعيينهم على أساس جهدهم العقلي، وموظفين يتم تعيينهم على أساس جهدهم البدني، ولا يوجد نوع ثالث.
ومن الجدير ذكره أنّه تمت الإشارة إلى هذين النوعين في القرآن الكريم:
• النوع الأول: فقد ورد في قصة يوسف عليه السلام، إنّ يوسف الصدّيق عرض على ملك مصر أن يكون على خزائن الأرض، فقد أورد القرآن قوله “قال اجعلني على خزآئن الأرض إنّي حفيظٌ عليم” ( يوسف 55)، وإذا ما دققتَ في النص القرآني ستلاحظ أنّ هناك صفتين ذكرهما نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام، وهي الأمانة والعلم، وهما المعيارين الأساسيين الذين يجب على رجل الأعمال أخذهما بعين الاعتبار عند اختيار العاملين لديه على أساس مجهودهم العقلي.
• النوع الثاني: وأمّا الإشارة الثانية فقد وردت في القرآن الكريم على لسان ابنة الرجل الصالح عندما نصحت أباها نبي الله شعيب عليه السلام باستئجار نبيّ الله موسى عليه السلام، فقد ورد في القرآن الكريم “قالت إحداهما يا أبتِ استأجره إنّ خير من استأجرت القوي الأمين”( القصص 26)، وإذا ما دققتَ في النص القرآني ستلاحظ بجلاء أن هناك صفتين أيضاً لاختيار العاملين على أساس جهدهم العضلي، وهما الأمانة والقوة، وهما المعيارين الأساسيين الذين يجب على رجال الأعمال أيضاً الأخذ بهما عند اختيار العاملين على أساس جهدهم العضلي.
وهنا نلتقط بعض الإشارت القرآنية من كلام ربنا عزوجل التي تعين أرباب العمل على تحديد معايير الجدارة لاختيار طواقم العمل:
1. إنّ الأمانة هي صفة أساسية في اختيار أيّ عامل مهما كانت حجم مهاراته أو قدراته أو منصبه الذي سوف يشغله.
2. إنّ الصفة الثانية تعتمد على التوصيف الوظيفي (Job Description) الذي يريده ربّ العمل، فإن كان المطلوب جهداً عضلياً، فصفة القوة هي المطلوبة، لِما تطلبه من جهدٍ وبذلٍ وعناء، وأمّا إذا كان المطلوب جهد عقلي، فالصفة المطلوبة هي العلم، لما تتطلبه من حكمةٍ وسياسةٍ وتدبير.
3. من الإشارات التي وردت أيضاً في النصوص القرآنية إنّه لا مانع من أن يعرض الباحث عن عمل قدراته وإمكاناته بجميع الطرق المتاحة، وهذه بدى جلياً في قول يوسف الصديق عليه السلام عندما طلب من ملك مصر أن يجعله على خزائن الأرض، وهذا يشيرإلى أن على الباحثين عن فرص عمل استثمار جميع وسائل التقنية المتاحة الحالية لعرض مؤهلاتهم وقدراتهم على أرباب العمل، ويقودنا هذا إلى مفهوم معاصر متداول الآن وهو العلامة التجارية الشخصية (Personal Branding).
4. وأضيف إلى ما سبق أنّه ونظراً لاتجاه أرباب الأعمال إلى اعتماد معيار المؤهلات المعرفية لاختيار موظفيهم، ولارتفاع أجور أصحاب القدرات العقلية والمهارات النادرة، فإنّه على الباحثين عن فرص العمل صقل مهاراتهم باستمرار وتنميتها لتوافق احتياجات العمل، ولمواكبه التغيرات السريعة في الأعمال، واعتمادها المتعاظم على التقنية.