سعادتك بيدك فلا تهملها
سعيد بن خلفان الحكماني
عندما يصل الإنسان إلى مرحلة من مراحل حياته فيشاهد أن رزنامة حياته بدأت تتغير وتتضح معالمها أكثر من ذي قبل، وجسده بدأ يرسل له إشارات بأن التغيير قادم لا محالة، فالطعام الذي كان سابقًا يتلذذ به قد قلت كميته ولربما حذفت بعض الأصناف من مائدته، وقلبه بدأ في البحث عن ما يجعله يخفق مجددًا؛ حينها فقط سيدرك أنه لابد أن يبحث عن ما يجعله يستعيد نشاطه، وعافيته، وروحه المحبة للحياة، المحلقة إلى عالم أوسع وأرحب عن عالمه الذي وصل إليه حاليًا، وحين يقل الاهتمام به من قبل شريكة عمره أو من قبل كل من حوله فليسارع إلى انتشال نفسه من السقوط، وأن يبادر إلى إسعاد نفسه، وأن يستفيد من كل دقيقة تمر عليه؛ ليعيش في تغيير للأحسن بشكل شبه دائم لكيلا تصدأ روحه، ووتعفن أفكاره، فالابتعاد عن كثيري الشكوى والنفسيات المتشائمة هو المسلك الصحيح للخروج من هكذا نفق؛ لذلك فليبدأ في مراجعة نفسه، وفرز جميع الأسماء المخزنة في جهازه وذاكرته، والابتعاد عن الخصومات والمناقشات التي ليس منها أية منفعة، وعن كل ما يعّكر صفو المرحلة القادمة ليعيش في سلام ووئام بعد أن استفاد من جميع التجارب السابقة، والتي لابد أنه أصطفى منها ما تليق به.
فليرتفع سقف سعادته وتفائله بحثًا عن لحظة تسعده، وليرفق بنفسه، وليسعد بتواصله مع الله جل شأنه؛ بصلاته، وتدبره، وتفكره، ولتكون ابتسامته مرافقة له، ورضاه بما قسمه الله له، فحينئذ سيحيط نفسه بهالة إيجابية ترافقه إلى أن يرحل من الدنيا، فكل ما ورد من الاحتياطات لكي لا تحيط به أفكار الاشباح البائسة والتي تفضي بصاحبها إلى الهلاك الحتمي، فالبحث عن الاهتمام والهدوء مطلب حتمي لابد أن يتحقق ليستطيع أن يواصل مشوار حياته، ويعيش هذه المرحلة بدون منغصات تذكر، فالذكريات الجميلة والرائعة ستبقى تتردد في ذهنه إينما ذهب وحل، فهناك من غادره بغير رجعة، وهناك من حبس نفسه بين أربعة جدران والروتين المعتاد في يومه وكأنه ينتظر إشارة ساعة رحيله عن الدنيا، فالله سبحانه يدعونا إلى الاستمتاع بالدنيا وكأننا سنخلد فيها، وأن لا ننسى نصيبنا من الآخرة، فهذه إشارات خير وسرور لكل من تقاعد من عمله أو كبر في سنه.
لهذا قف وقفة صمت، ولتراجع نفسك، ولتبدأ حياتك من جديد، وكأن هذا اليوم يوم مولدك، ولتأقلم نفسك على ما تجده أمامك، فاهتم بنفسك قبل أن يهتم بك الآخرون، وابتسم لكل من مررت به، وأصلح ما استطعت أن تصلحه، واعلم يقينًا خالصًا أن الله جل في علاه لم يخلقك لتكون حزينًا كئيبًا أبدًا، بل خلقك لتكون سعيدًا، ولتسعد من حولك.