إنشاء قسم أو دائرة لاحتضان الأفكار الإبداعية
محمود بن خلف بن ناصر العدوي
إن الابداع الفكري هو مفصل محوريٌ مهمٌ في النهوض بالأمم وتقدمها، حيث أن الشركات الكبرى تعتمد اعتمادا كبيرا على الابداع الفكري انطلاقا من إيمانها بأن استمرارية التنافس يتطلب دائما فكر متجدد يخرج من دائرة الفكر التقليدي، وهذا أيضاً يجعلها تتكيف مع تقلبات أو متطلبات الأسواق.
“إذا لم تستفيدوا بشكل كامل من نصف المواهب، فلن تقتربوا كثيرا من القمة.” ( بيل غيتس مؤسسة شركة مايكروسوفت العمالقة)
تنقسم الأفكار الإبداعية في بيئة العمل إلى قسمان: الأول أفكار إبداعية ملموسة وهي تمثل البرامج الإلكترونية التي يستفيد منها طالبوا الخدمة للحصول على خدمات عن طريق الإنترنت. وهنا يمكن لأصحاب الأفكار الإبداعية المساهمة في تحسين تلك الأنظمة وتحديثها لتواكب كل مرحلة من مراحل انتقال الدولة إلى استخدام الأنظمة الإلكترونية لجميع خدماتها الحكومية. أو تلك الأنظمة الإلكترونية التي تستخدم داخل المؤسسة الحكومية مثل المراسلات أو الأرشفة الإلكترونية.
الأفكار الإبداعية غير الملموسة: هي الأفكار التي تحتوي على مقترحات وحلول مكتوبة لتذليل التحديات أو الصعوبات، والتي يمكن أن تكون على شكل بحوث أو دراسات.
” الفكر الإبداعي هو نشاط عقلي مركب وهادف، توجهه رغبة قوية في البحث عن حلول، أو التوصل إلى نواتج أصيلة لم تكن معروفة سابقا“. (فتحي جروان)
إذاً يمكن القول بأن الإبداع الفكري هو أهم ركن من أركان التقدم والاستمرارية سواء كان على المستوى الفردي أو على مستوى المؤسسة التي يعمل بها الفرد. فعلى المستوى الفردي يساهم الإبداع الفكري في تعزيز ثقة الفرد بنفسه وكما أنه يمنحه آفاقا أكبر للوصول إلى مستويات عالية من التفكير المستمر، وعلى المستوى المؤسسات فهو مطلب أساسي لتقدمها وتميزها فالمؤسسات التي تحتضن الأفكار الإبداعية نجدها في مقام المؤسسات المتقدمة جدا ونجد رضا طالبي الخدمة عال جدا ، فمن المنظور الإداري تساهم الأفكار الإبداعية على تذليل الصعوبات والتحديات وإيجاد الحلول المناسبة وهذا بلا شك سيساهم وبشكل فعال على تقليل الوقت المبذول لإنجاز المهام والمسؤوليات ويساعد على رفع كفاءة الإنتاجية وجودتها .
ومن المنظور المالي يستطيع الفكر الإبداعي المساهمة بفعالية على ترشيد الإنفاق المالي لأي مؤسسة كانت، فإن الأنظمة الإلكترونية الحديثة ساهمت إسهاما كبيرا في تقليص النفقات المالية ومنها على سبيل المثال، الأوراق والأدوات المكتبية وتكاليف إيصال المراسلات الحكومية لبعضها بعضا، وهذا لم يأتِ من فراغ بل هو فكر إبداعي يبحث عن التطوير والتحديث للأنظمة التي يعمل بها هؤلاء المبدعين.
إن الاخذ بالأفكار الإبداعية من الموظفين المبدعين والسعي إلى تنميتها وتطويرها بما يتناسب مع توجيهات وأهداف المؤسسة هي ركيزة مهمة في ظل التطور المستمر لتحسين الإدارة على كافة مستويات القطاعات الحكومية، فأننا نأمل وجود قسم أو دائرة في كل جهة حكومية مسؤوليته المباشرة استقبال الأفكار الإبداعية من أي موظف مهما كان مستواه الوظيفي ، على أن يتولى موظفي هذا القسم أو الدائرة مهمة دراسة وتحليل الأفكار المتدفقة إليهم بما تتوافق مع الأهداف العامة للمؤسسة ، وبما يضمن حقوق الموظف الذي قدم تلك الأفكار ، وهذا الأمر من شأنه تعزيز مفهوم الأمان الوظيفي من الجانب المعنوي الذي يعمل على تحديث مهارات وإمكانات الموظفين ويرسم لهم طريق المستقبل الذي يسعون إليه دون أن يعتريهم الخوف من سرقة أفكارهم الإبداعية أو قتلها قبل أن تكون على أرض الواقع .
كما أنه مجالا وبيئة خصبة لفتح باب التنافس الشريف بين الموظفين المبدعين فهم دائما القلب النابض في كل مؤسسة. ومن أجل استمرار ذلك النبض على العطاء والتميز، فإن التحفيز المالي له دوراً كبيرا في ذلك مع الجانب المعنوي، لذا فمن الأهمية النظر في إمكان تخصيص مكافآت مالية توجه لأصحاب الأفكار الإبداعية ليستمروا في بذل المزيد من الجهد والتفكير بمقترحات وبرامج أخرى غير تقليدية.
كما أننا نأمل أن تكون هناك مسابقة سنوية أو كل سنتين على مستوى كافة الجهات الحكومية يُنظر من خلالها إلى كمية الأفكار المتدفقة من كل مؤسسة، وهل تلك الأفكار طبقت على أرض الواقع؟ أو ساهمت بشكل من الأشكال في تحسين الأداء الإداري من خلال استقراء رضا طالبي الخدمة أو من خلال الأداء الداخلي للمؤسسة.