2024
Adsense
مقالات صحفية

احذري التسويق الوردي

ميساء بنت عبدالله الخنبشية.

في أحد أسواق الكوفة وقبل 1300 هجري، كسدت كمية كبيرة من “النَّقْبُ السود” جمع نقاب، لتاجر حجازي، كان قد اشتراها لبيعها، وللتخلص من هذه الورطة استعان التاجر بالشاعر “مسكين الدارمي” لينقذه ، فأنشد الدارمي:
قل للمليحة بالخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه حتى وقفت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه لا تقتليه بحق دين محمد
فسمعت نساء الكوفة الأبيات، وتدافعن لشراء البضاعة. تقترب هذه القصة يا كرام، مع ما يسمى اليوم بالتسويق الوردي، ولكن بصورة أكثر تفصيلا واحترافية، فهي استراتيجية تسويقية وتقنية جديدة توظفها بعض الشركات والمؤسسات التسويقية لرفع نسب المبيعات وتحقيق الأرباح، ودراسة خصائص المرأة والمؤثرات على قرارها الشرائي وهذا ما يسمى اليوم Pink Marketing or Marketing for Women. .
ظهر مصطلح التسويق الوردي حديثًا وتحديدا مع بداية القرن الـ 21، ولكنه مبني على ملاحظات سابقة للفروقات بين السلوك الشرائي للمرأة والرجل، فتبيّن أن المرأة هي المؤثر القوي في عملية الشراء، فيتعامل معها كونها عميلًا أو زبونًا يُولِّيها الخصوصية في التعامل وفي رسم الاستراتيجيات الخاصة بالمنتج، والمرأة بدورها تستجيب بشكل مختلف لرسائل الإعلام والتسويق والصور وغيرها.
تعمل الشركات ليل نهار لتحقيق مزيج تسويقي وردي يلائم المرأة؛ لأنها تعلم بأن النسبة الأكبر من الإنفاق الشرائي حسب بعض البحوث والدراسات تتخذه المرأة لا الرجل، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمتعلقات البيت والأطفال، فتصميم المنتجات وخصائصها وتغليفها من لون وشكل يغازل المرأة ويخاطب عاطفتها، وتتم دراسة طريقة تفكيرها لتلبية رغباتها وحاجاتها الشرائية الضرورية وغير الضرورية بحيث تضمن المؤسسة الربح والاستمرارية على المدى الطويل.

في الواقع تشير الإحصائيات بأن 85% هي نسبة الإنفاق السنوي عند المرأة في الشراء، كما أن المرأة تنفق حوالي 20 تريليون دولار سنويًا، وهذه نسبة كبيرة جدًا، تعتبر هدفا يسيل له لعاب الشركات العالمية، فتنفق الملايين على الحملات الإعلانية وتمول البحوث التي تحدد خصائص النساء، حيث وجدت الدراسات أن المرأة تبحث التفاصيل والمعلومات الخاصة بالمنتجات وتستمتع بالمقارنة بين كثير من الخيارات وتهتم بالفروقات بينهم، وهو ما لا يفعله الرجل، كما أن نمط الشراء عند المرأة عاطفي وتأخذ وقتًا أطول في الشراء.
ومن هنا يتضح لنا فكرة بأن المرأة تعتبر مستهلك أساسي ورئيسي في السوق وهي من تقوم أيضا بالمشاركة في قرار الشراء للأسرة أيضا .
وهذه الهيمنة للمرأة على سوق الاستهلاك، جعل من سياسات التسويق الوردي أحد الاتجاهات المستقبلية المهمة في التسويق، وعلى المرأة أن تنتبه لهذا الدفع والإغراء المتواصل للشراء، الذي يصلها عبر الهاتف الذي بين يديها والشارع والتلفاز، ويجب أن تأخذ نفسا عميقا قبل إخراج الريالات لصرفها وتركز على المنتجات التي تحتاجها فعليا بعيدا عن المغريات العاطفية، وهو ما ينعكس إيجابًا عليها في توفير المال وعدم الإسراف والتبذير لشراء منتجات غير ضرورية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights