النَزْر اليسير من تاريخ قبيلة بني لمَك – (الجزء الأول)
تأليف: ليلى بنت سعيد بن حمدان اللمكية
(أم عبدالرحمن)
2020/2021 م
المقدمة:
يقول ابن خلدون في مقدمته: ” التاريخُ نظامٌ ينشأ على نطاقٍ واسعٍ بين الأممِ والأجناسِ … ويَتُوقُ الأشخاصُ العاديون إلى معرفتهِ … “.(1)
والباحث التاريخي أكثر الناس رغبة في الكشف عن خفايا الأحداث، ولذلك فهو حريص على تدوين ونقل الأحداث سواء أشَهِدَ عَلَيْها بِنَفْسه، أم نَقَلَها مُبَاشرةً من رِوَاياتٍ شَفَهيةٍ لِشُهُود عِيَان على تلك الأحداثِ التاريخيّة، أم قرأها في كتابات مُدوّنة لمن عاصروا الأحداث أو سمعوا عنها وقاموا بتوثيقها وتسجيلها في كُتبهم ومخطوطاتهم.
ويبقى على أيِّ باحثٍ أو قارئ أن يعمل جاهدًا لِتَقَصِّي الحقائق عندما يقرأ أو يعلم عن أحداثٍ مَرَّتْ عليها سنوات أو قرون زمنية، لأن تلك الأحداث هي كلّ ما تبقى من آثار شخصيات عظيمة كان لها بصمة في التاريخ الإنساني، ولقد صدق الشيخ نور الدين السالمي عندما أورد في مُقَدِّمةِ كتابه “تحفة الأعيان” البيت الشعري الآتي:
“فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم غَيْر نَشْر حَدِيثهم
وما اكتسبوا من فِعْلِ مَحمدةٍ وذَمّ”(2)
وفي هذا المبحث سنحاول بإذن الله تعالى التعمّق في تاريخ إحدى القبائل العمانيّة(3)، والتي كانت ولاية الرستاق(4) في محافظة جنوب الباطنة مقرًا رئيسًا لها على مدى تاريخها الطويل، وهي قبيلة بني لَمْك الرستاقيّة العمانيّة .
إن هذه القبيلة قد ورد ذكرها في بعض المصادر العمانية مثل “جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار” للشيخ سعيد بن علي المغيري، و”نهضة الأعيان بحرية عُمان ” لأبي بشير محمد شيبة بن نورالدين عبدالله بن حميد السالمي، و”سيرة الإمام ناصر بن مرشد” لعبدالله بن خلفان بن قيصر، و” عُمان عَبْر التاريخ” للشيخ سالم بن حمود بن شامس السيابي، وكتاب “قصص وأخبار جَرَت في عُمان” لمحمد بن عامر بن راشد المعولي الأفوي، وكتاب “كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة” للشيخ سرحان بن سعيد الإزكوي، و”الصحيفة القحطانية” لابن رزيق النخليّ العمانيّ.
نسب القبيلة:
هي قبيلة قحطانيّة، يتّصل نسبُها إلى كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سباء بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود النبيّ -عليه الصلاة والسلام – والمفرد اللمْكِي.(5) ومسقط رأسهم فسح والخضراء والطباقة بوادي السحتن، وخفدي بوادي بن غافر، ووادي بني هِنيّ، وتلك الأدوية تابعة لولاية الرستاق في جنوب الباطنة، وقد عاشوا في هذه المناطق منذ أيام وجود اليحمد(6) بالرستاق ما بين القرن الثامن والقرن الحادي عشر الهجري، وهم أربعة بطون: مساقرة، وبساسمة، وأولاد راشد، وأولاد ذيب.
الآثار العمرانية للقبيلة:
لبني لَمْك العديدُ من الآثار التي خلّدت ذِكْرهم في الرستاق العُمانية مثل: حصن الجَنَاة، والحصن القديم في قريتي فَسَح والطباقة بوادي السحتن، وحصن في قرية خفدي بوادي بني غافر، وحصن في وادي بني هني يسمى الآن ببرج اللمكي، وبيت الظاهر(7) المعروف حاليًا بالبيت الكبير، أو البيت الْعُوُد في قرية الظاهر بالرستاق، وبيت طوي العاتي في حِلّة الصَّرْم قرب قلعة الرستاق الشامخة، وسوق أبو ثمانية الرستاقيّ.
المصادر والمراجع:
1. تاريخ عمان،وندل فيليبس،ترجمة محمد أمين عبدالله، ط5، 1424هـ/2003م،ص6.
2. تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان،نور الدين عبدالله بن حميد السالمي،ج1،مكتبة الإمام نور الدين السالمي، مسقط ،سلطنة عمان،1995م، ص3.
3. (يقول أبي بشير محمد شيبة في كتابه نهضة الأعيان :”عُمان إقليم سلطاني على خليج فارس، وهي كمفتاح للخليج العربي “، وذكر أيضًا يقول فلبي:” إن الأقسام الجنوبية من شبه جزيرة العرب هي الوطن الأصلي للساميين “/نهضة الأعيان بحرية عُمان،أبي بشير محمد شيبة بن نور الدين عبدالله بن حميد السالمي،مطابع دار الكتاب العربي، بمصر،القاهرة،ص5).
4.”الرستاق تسيطر على إقليم واسع من منتهى حوزة نخل في الشرق إلى منتهى أودية بني غافر في الغرب، وفي الجانب الآخر إلى جمّا والمسفاة، ويكون مركز المزاحيط تحت سلطانها، وحصن الحوقين أيضًا رهن إشارتها، وهي واسطة العقد في هذا الصقع”، كتاب العنوان في تاريخ عُمان،سالم بن حمود بن شامس السيابي، نُشِرَ على نفقة الشيخ أحمد بن محمد بن عيسى الحارثي، مكتبة معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد،ص 68).
(ويقول الشيخ مهنا الخروصي :”الرُستاق بضم الراء:السواد والقرى،والرزداق الصف من الناس،والسطر من النخل،وفيه ثلاث لغات ،الرزداق والرستاق والرسداق ، وتقع على بُعد 165كم شمال غرب العاصمة مسقط”،الرستاق على صفحات التاريخ،مهنا بن خلفان بن عثمان الخروصي،مطابع النهضة،1428هـ/2007م.)
5.(ملامح من التاريخ العماني،سليمان بن خلف بن محمد الخروصي،ط3،مكتبة الضامري،السيب،سلطنة عمان ،1422هـ/2002م،ص255.)
6. (حكمت دولة اليحمد عُمان من 175-967هـ/791-1560م ،اشتهرت بالعلم والعدل والفضل والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر /ملامح من التاريخ العماني،مرجع سابق ،ص 105)
7. (بناه الشيخ ناصر بن سليمان بن راشد اللمكي وتركه مهاجراً إلى زنجبار بشرق أفريقيا/مقابلة شفهية مع الشيخ سيف بن محمد بن سيف اللمكي).
ماتبقى من موضوع “النَزْر اليسير من تاريخ قبيلة بني لمَك” سيتم تناوله في الجزء القادم بإذن الله تعالى – فترقبوا نشر هذا الجزء قريباً إن شاء الله .