2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

ما يجب قوله عن الماضي والحاضر

أحمد بن سليَّم الحراصي
Al.aast99@gmail.com

الماضي زمان ولَّى، والحاضر زمان أولى، فالتغنّي بالماضي أمرٌ مفروغٌ منه؛ لأن حاضرك هو من يُعرّفك للناس، والماضي زمان نسيانه مجرد وقت لا يتذكره إلا أنت وإن تذكّره بعض الرفاق فمصيره ماضٍ لا تاريخ له في مدونتك.

الحاضر أن تقول (هأنذا) اليوم، ماذا فعلت؟ ماذا قدمت؟ ماذا يجب أن أفعل؟ وما الهدف من بقائي على قيد الحياة؟
أن تؤمن بنفسك، وتعطها الذي تستحقه فهذا يُعتبر إنجازاً.

انسَ الماضي، وفكّر بالحاضر الذي تعيشه الآن، اكتب اسمك في حاضرك، فكر ببديهتك، ماذا يمكن أن تقدمه لأجل حاضرك اليوم ومستقبلك غداً.

أن تقول أنا الحاضر وأنا المستقبل خير لك من أن تقول (أنا كنت الماضي).

أن تعترف بقوتك الحاضرة وأن تنسى قوتك الماضية، ربما تستمد قوتك من الماضي وهذا شيء حتمي لكن عليك أن تفكر بحاضرك الذي أنت عليه الآن.

أن تبني حياتك وأن توجه ميولك وقدراتك نحو الحاضر الذي تعيشه من أجلك ومن أجل مستقبلك ومستقبل أبنائك وأحفادك.

كثيرٌ لا يحصى من الناس يتغنون بالماضي على أنه ماضي آبائهم وأجدادهم، نعم هو مثلما قلت أنه ماضي آبائك وأجدادك لكنه ليس ماضيك، ويجب أن تعي بمعنى أنه ليس ماضيك لأنك باختصار كنت موجوداً ولكن كان أحدهم من يقودك أو كنت غائباً ولكن كان حاضر أجدادك موجوداً، وأنت اليوم تتغنى به، هل لأنك لا تجد حاضراً تستطيع أن تستند عليه أم أن حاضرك هو ماضي أجدادك؟ عليك أن تعي إذاً أن الفتى من يقول هأنذا وليس الفتى من يقول كان أبي.

ما أنجزته في الماضي شيء تفخر به لكنه لأجل الحاضر اليوم ثم ها أنت اليوم تنجز لأجل المستقبل غداً.

ربما أقول لك أن ماضيك كان أسوداً أو أبيضاً إلى حدّ ما، فما الذي سيضيرك في هذا خاصة وأنت الآن تعيش حاضرك، فإن كنت ستفكر في الماضي على أنه أسوداً أو أبيضاً، فما الذي سيتغير اليوم؟

لا أقول لك أن لا تفتخر بالماضي، افخر، ولكن إياك أن تلتهي وتنسى حاضرك؛ فغداً حاضرك سيكون ماضٍ، فما الذي ستفتخر به عندها؟

(كنت أنا، وكنت أنا… وكان أبي وكان جدي!!) نعم ماذا كانوا؟ وماذا كنت أنت؟ ومن أنت الآن؟
نعم افتخر بهم وبنفسك ولكن لا يعني أن تطمس حقك اليوم وحق أبنائك في عيش حاضرهم على هواهم وعش حاضرك أنت على هواك.

أنت لست مخولاً في أن تجعل أبناءك يعيشون على النهج الذي عشتًه أنت أو عاشه أجدادهم، ما يعنيك هو أن تُقوِّم سلوكهم لا أن تجبرهم بالعيش على نهج أجدادهم؛ لأن ذاك زمان لكم وهذا زمان لهم ولا تملك حقاً في أن تخلق تشابهاً بين الزمنين.

ظهرت عبارة عمانية دارجة والكثير من يستخدمها كأن يقول لك أحدهم (أنت/أنتِ غير عن إخوتك أو أنتِ غير عن أخواتك)، وهل أنت خلقت لتقلدهم، أنت نسخة لا تتكرر، مختلفٌ تماماً عنهم ولست في محطة تقليد، من هم ومن أنت؟ أنت شخص وهم أشخاص فلا تتعب نفسك في التقليد والمشي على خطاهم، ما يهمك هو أن تمشي نحو السلوك السويّ وأن تعرف الهدف الذي تمشي عليه لتحقيقه فلا يُملي عليك أحدهم بقوله كن كفلان لأنه فعل كذا ولأنه معروف بين الناس ولأنه أنجز الكثير والكثير فلماذا لا تكن مثله؟ أجب فقط أنا لا أستطيع أن أكون مثله، أنا شخصية رجل آخر ونسخة لا مثيل لها، ليس مهماً أن أفعل مثلما يفعل، المهم وكل المهم هو أنني راضٍ عن ما أفعله الآن وما سأنجزه شيء وما ينجزه وأنجزه هو شيءٌ آخر.

يجب أن تنظر لحاضرك، أن تبحث عن مكنونات فكرك ورزانتك، أن تعي أن الماضي كان زمان ولَّى ولن يعود ولا تمتلك آلة الزمن الخيالية لإعادته، هو فقط مجرد لمحة تاريخية تستطيع العودة إليها وقتما شئت وأردت لتعود بك ذكريات الحنين والشجن، لكن لا يمكن له أن يفسر لك حاضرك الذي تعيشه اليوم، حاضرك هذا هو أنت الآن، ما أنت عليه الآن هو الحاضر سواءً كنت ضعيفاً أم قوياً، أنت هو أنت الآن، لكن يمكنك أن تغيره بيدك ومحاولاتك التي تستطيع أن تنبش بها داخلك لتنجو من بؤرة الفشل وضحالة الوحل، فقط عليك أن تعي أنك الآن من هو أنت؟ وأن تترك خزعبلات وتكهنات الأساطير في التغني بالماضي التليد.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights