الأحمر والصافرات الظالمة
أحمد بن سليَّم الحراصي
لم تكن الصافرة الآسيوية في الدوحة هي الأولى من نوعها في ظلم الأحمر العماني، ولكنها كانت مسلسلا ابتدأ حلقته الأولى في عام 2004، رغم إنني لم أشاهد تلك المباراة ذلك الوقت، لكنني شاهدتها لاحقا وأحسست بالظلم الذي سمعت به عن حكم المباراة بعد سنين طوال وأنا أشاهدها لأول مرة منذ مضي أكثر من 10 سنوات على وقوعها، إلا إنها تركت أثرا وجرحا لا يندمل، فمن عشق هذا التراب وتربى عليه سيعشق أحمر هذا الوطن الذي اكتسب شهرته بالسيفين والخنجر العمانية، واستحق لقب السامبا (برازيل الخليج).
ثم توالت الحلقات في هذا المسلسل الظالم، فبعد أكثر من 15 سنة، عادت الصافرة الآسيوية الظالمة تدك أصواتها واحدا تلو الآخر ضد المنتخب الأحمر في كأس آسيا 2019 التي أُقيمت في الإمارات العربية المتحدة، أولها مع أوزبكستان ثم تلتها مع اليابان، ووضعوا المنتخب تحت سكين التأهل، لكنه تأهل بأهدافه الثلاثة التي حققت له التأهل للدور الثاني لأول مرة في تاريخه، إلا أن مواجهة إيران في الدور الثاني حجبت بصيص الأمل نحو الكأس الآسيوية.
وفي التصفيات الآسيوية الأخيرة المزدوجة مع كأس العالم، أصر بيريرا إلا أن تكون الغلبة لقطر، وحجز لهم التأهل لكأس آسيا التي ستقام في 2023 دون أدنى مجهود، بصافرة ظالمة لركلة جزاء غير مستحقة في الدقيقة ’38’ افتعلها المهاجم (بوعلام)، ليسددها حسن الهيدوس يسار فائز الرشيدي ببرود طائرا من الفرحة كما وصفه الاتحاد القطري لكرة القدم في حسابه بتويتر، دون أن ينبس أحدهم ببنت شفة في أن هذه الصافرة ظالمة وركلة جزاء غير صحيحة، إلا أن العديد منا والكثير من مشاهدي المباراة أكدوا أنها غير صحيحة، وكما أكد عليها الحكم الدولي السابق الشهير جمال الشريف بأنها غير واقعية وقرار خاطئٌ من حكم المباراة، ولن أتكلم عن ما قاله محللي برنامج المجلس في أنها ضربة جزاء مستحقة، هؤلاء هم الذين يحللون على حساب العاطفة والمصلحة الخاصة، فإذا كانت هذه تُعتبر ركلة جزاء فماذا نقول عن إعاقة حارسكم لخالد الهاجري؟؟؟ اعتبرتموها أنها تمثيل وتصنُّع من المهاجم في السقوط!! تغلبكم العاطفة للأسف والمصالح الشخصية، أنتم يا من ادّعيتم المثالية والمصداقية في التحليل! سأقول لكم بحق إذاً ومثل ما قالها آخرون قبلي، لديكم برنامج متحيز لفئة دون غيرها فسلاما لبرنامج مثل هذا.
وفي الدقيقة ’90’ سجل الهاجري هدفه الوحيد في المباراة ليعيد التعادل، إلا أن الحكم أصر إلا أن تفوز قطر في هذه المباراة دون غيرها واستطاع أن ينشئ تسلل من وحي الخيال، الجميع أبطل قرار الحكم، وأتفق بأن الهدف صحيحا ولا يوجد تسللا ولن أتكلم عن باقي المخالفات التي ارتكبها الحكم من نفسه فقد زاد الظلم عن حده وانتكست راية الاتحاد الآسيوي، لهي فضيحة وعار ومهزلة في حقه مثلما قالها المذيع الأستاذ خالد الشكيلي.
إن هذه السيناريوهات التي اُرتكبت قد تعود بالضرر للاتحاد العماني أولا وطموح لاعبيه وروح المنافسة والحماسة ثانيا التي تشتعل في قلوبهم باحثين عن اللقب، فستنطفئ كل هذه الطموحات إن لم ينصف الإتحاد العماني لاعبيه وجماهيره، كما أنها وصمة عار على جبين الاتحاد الآسيوي في أن يسمح بإعادة هذه المهزلات التاريخية وأن يسمح بمثل هؤلاء الحكام الذين لا ناقة لهم في كرة القدم ولا جمل، حكام تسيطر عليهم العاطفة فيظلموا منتخبات بسبب طمعهم في مال أو في تأهل منتخباتهم على حساب المنتخبات الأخرى.
ورغم الظروف التي صاحبت انقطاع الدوري العماني، لكن المدرب برانكو استطاع أن يخرج لنا كوكبة من اللاعبين الذين أثبتوا وجودهم في هذه المباراة واستحقوا وجودهم في المنتخب بجدارة، قد ظن بعضهم أن العماني لقمة سهلة ويستطيعون تجاوزه بالستة والثلاثة أهداف دون رد، لكنها أضغاث أحلام اليقظة، فالمنتخب العماني تطور واستطاع أن يجتاز المنتخبات التي لم تنصفه واستهانت به وظنت أنه مجرد نسمة هواء عابرة؛ لكنه أثبت جدارته، ورغم ذلك لا يزالون يستصغرونه! ، لأصدقكم القول أن المنتخب العماني هو المنتخب الوحيد الذي لا يتدنى مستواه لأدنى مستويات، كما فعلت منتخبات الكويت والإمارات، فمنذ بروزه وإلى الآن لم يتلقى هزيمة نكراء مثل ما يزعمون، فالأسد يمرض ولكن لا يموت وهو رهان أستطيع أن أراهن عليه أمام كل المنتخبات، وسيظل المنتخب العماني قاهر الصعاب ومرعب المنتخبات، فعندما ينهض الأسد تخافه اللئام وتحيك له المكايد وتحاول التخلص منه وهذا ما تفعله بقية المنتخبات التي يواجهها المنتخب فهي تعرف تمام المعرفة أن المنتخب العماني منتخبا ليس ضعيفا ويعرف كيف يخرج من المأزق وينتزع الصدارة وهذا ما فعله في مباراته الأخيرة فقد شكَّل خطرا كبيراً على حارس مرماهم سعد الشيب ومهما قالوا من استهانة ظاهرية بالمنتخب إلا أن باطنهم يقول المقلوب، فاستطاع الأحمر العماني أن يفرض سيطرته واستعاد هيبته الذهبية التي كنا نتغنى بها، فأبطاله يعرفون جيدا ما يفعلونه في ساحة الملاعب، لكنهم غدروا به فتعاونوا عليه ومنعوا فوزه أو تعادله على أقل تقدير.
فلو كان لديهم القوة الكافية لهزيمة منتخبات مثل منتخب عمان فليُفعَّلوا تقنية الفيديو (VAR) وسنرى حينها أي منقلب سينقلبون، لكن تنقصهم الشجاعة في تمكين هذه التقنية وسيحرجون أنفسهم أمام المنتخب العماني وبالطبع إحراج بطلا آسيويا تبدو صعبة التقبل قليلا بل كثيرا في الكثير.
البطاقة الصفراء التي تلقاها مدير المنتخب مقبول البلوشي هي بطاقة الشرف، فهكذا يكون الرجال دائما أن لا يسمحوا للظلم بأن يمر مرور الكرام من أمام أعينهم، وهذا ما نتمناه من الاتحاد العماني في أن يتحرك بالسرعة التي رأيناها فقد قدم اعتراضا للاتحاد الآسيوي والدولي عن هذا الحكم وطالب بإبعاده من إدارة المباريات القادمة لكي لا تظلم منتخبات أخرى، ولكن يجب متابعة الموضوع والسؤال عنه بين فينة وأخرى وأن يظل بين أيديهم كي لا تتكرر هذه المهزلة مجدداً في المباريات القادمة.
خلاصة القول، أن على الاتحاد العماني أن يفرض سيطرته وأن يُظهر كلمته للاتحاد الآسيوي والدولي معا، وأن يعرف الجميع حده عندما يلعب ضد عمان وأن يحسب حساب هذه التجاوزات والمهزلات التحكيمية وإن ثمنها سيكون غاليا حال وقوعها مجدداً، فمتى ستصحو الكرة الآسيوية من هذا السبات وتلتحق بالركب كما في الكرة الأوروبية؟.