مأمور الضبط القضائي؟
ظافر بن عبدالله الحارثي
إن إجراءات إقامة الدعوى الجزائية تختلف عن باقي الدعاوى، إذ أن ماعدا الدعاوى الجزائية والدعاوى العمالية تقام الدعاوى بصفة عامة عن طريق صحيفة دعوى تودع بأمانة سر المحكمة المختصة حسب- قواعد الاختصاص بعد سداد الرسم المقرر قانوناً، أما الدعوى الجزائية استثنيت من تلك القاعدة على أساس أنها تقام من قبل الادعاء العام وتشمل هذه الدعوى الجنايات والجنح والمخالفات.
إن الدعوى العمومية تمر بثلاث مراحل وهي:(مرحلة جمع الاستدلالات أو ما اصطلح عليه بعض الفقه بمرحلة البحث والتحري، والتي يختص بها مأمور الضبط القضائي (شرطة عمان السلطانية)، ثم مرحلة التحقيق الابتدائي؛ وهي المرحلة التي تتم بمعية عضو الادعاء العام، وأخيرًا مرحلة التحقيق النهائي؛ والتي تجريها المحكمة بعدما أن قامت الادعاء العام بإحالتها لها.
لعل أول من ترد إليه معلومة عن وجود جريمة متعلقة بهذه الدعوى هو مأمور الضبط القضائي الذي منحت له هذه الصلاحية من قبل القانون، وقد جرى تحديد مأموري الضبط القضائي على سبيل الحصر وفق المادة (٣١) من قانون الاجراءات الجزائية عندما حصرت هذه الصفة في (أعضاء الادعاء العام، ضباط الشرطة والرتب النظامية الاخرى بدءً من الشرطي، موظفو جهات الأمن العام الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس الجهة، الولاة ونوابهم، ومن أعطاهم القانون هذه الصفة)، إلا أن في الفقرة الاخيرة من نفس نص المادة نلاحظ أن المشرع مكن وزير العدل والشؤون القانونية تخويل بعض الموظفين صفة الضبطية القضائية بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، وبالفعل من بعض هؤلاء الموظفي (موظفي الطيران العماني وهيئة حماية المستهلك) وغيرها من الجهات التي أعطيت لهم هذه الصفة.
من خلال نصوص قانون الاجراءات الجزائية الواقعة ما بين المادة ٣٠ للمادة ٣٧، نستنتج بأن مهمة مأموري الضبط القضائي هي (إجراء التحريات ويقصد بها جمع المعلومات حول الجريمة، قبول البلاغات والشكاوى، وجمع الاستدلالات (كأن يقوموا بجمع القرائن والادلة، وسماع المتهمين والشهود)، التفتيش، التحفظ على الأشخاص، وتحرير محضر جمع الاستدلالات)، ولقد مكنهم القانون أيضًا بعض السلطات الاستثنائية المتمثلة في حالتي التلبس والندب، إلا أن في المقابل يخضعون هؤلاء المأموري لإشراف الادعاء العام فيما يتعلق بأعمال وظائفهم.
وبما أن إجراء التفتيش هو الأكثر تساؤلًا لدى الجمهور (عامة الناس) من بين الاجراءات التي رخصت لمأموري الضبط بهدف المصلحة العامة تغليباً على مصالح الأفراد الخاصة نظراً لإحتمالية الوصول من خلالها لدليل مادي يكشف الحقيقة أو منعًا لإرتكاب أي نشاط خطر ومعاقب عليه، وبسبب ممارستها في الأغلب من قبل هذا المأمور لابد من الإشارة إلى أن هناك أنواع للتفتيش بحسب ما سوف يتم تفتيشه، سواء أشخاص أو مكان أو مركبة، كما أن لتفتيش الأشخاص أنواعاً، فقد يكون مستنداً لنص قانوني، أو مبنياً على رضا، أو مستندًا على ما تفرضه حالة الضرورة (وفي كل الأحوال يجب مراعاة أن تفتيش الأنثى يجب أن تتم بمعرفة أنثى كقاعدة عامة، وأن هناك بعض التفتيشات لا تكون قانونياً إلا بإستصدار إذن بشأنها)، علاوة على ما ذكر هناك تفتيش يسمى بالتفتيش الإداري الذي نلاحظه في بعض المنشآت الحيوية المهمة (كالمطار)، وأيضًا نشاهدها في نقاط السيطرة والتفتيش التي تقام في الشوارع بين حين وآخر.
فمأموري الضبط القضائي من واجباتهم تلبية ما يطلب منهم من مساعدات ممكنة أثناء مباشرتهم صلاحياتهم القانونية، والتي لهم من خلالها أيضًا أن يستعملوا وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم، ولابد من الإشارة هنا أن ليس لأحدهم مباشرة إجراءات التحقيق؛ وختامًا لا يسعني إلا التذكير بأن الاجراءات القانونية العادلة، والحرية الشخصية، والتظلم، والدفاع، والحياة والكرامة حق لكل إنسان، تلتزم الدولة باحترامهما وحمايتهما وفقا للقانون.