ضريبة القيمة المضافة بين صراخ المسرحين والباحثين ومحدودي الدخل

‏راشد بن حميد الراشدي
‏إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية

تطبيق قيمة الضريبة المضافة لها ما لها و عليها ما عليها من مترتبات وأعباء كبيرة على المستهلك ومنهم المواطنين وتطبيقها في فترة عصيبة جدا تمر على الكثير من أبناء الوطن لامسناها من خلال الكثير من الأسر ، وخاصة الأُسر التي أصبحت بلا مورد بعد تسريح معيل الأسرة مع وجود الكثير من الباحثين عن عمل من أبناء الوطن ، وهم عالة على أسرهم حتى من أراد أن يؤسس عملاً أو مهنة يعتاش منها ويصارع معترك العمل الحر ، جابهته الظروف من الضرائب والإجراءات الروتينية وحالة السوق والجائحة فحطمت ذلك الحلم الجميل الذي سينتشله من براثن الجلوس في البيت .
وهناك من سار على الدرب حتى فاجئه الحال بديون متراكمة نتيجة الأزمة العالمية وأزمة كورونا فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق وبذل واجتهد وهو مهدد بالسجن وشبح الإفلاس .

نفذت ضريبة القيمة المضافة فارتفعت الأسعار وتكبلها المواطن المستهلك في جميع ما يمس حياته من بضائع و خدمات ساهمت في بطء دوران البضائع وضعف الحركة التجارية وتهديد العديد من الأنشطة نحو غلق أنشطتها خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
معاناة المسرحين وأسرهم ومحدودي الدخل والباحثين ازدادت فوق مآسيهم التي ترهق ميزانية الأسرة البسيطة ، وتزيد من هموم معيل الأسرة والباحث عن عمل بمختلف فئات الخريجين من حملة الشهادات المتوسطة والعليا فالجميع يحتاج للخدمات من إنترنت وأجهزة إلكترونية وكهربائية ضرورية .
أضف إلى ذلك شمول الضريبة للكثير من الأغذية المصنعة والتي يتم تقديمها ؛ كالمعلبات بمختلف أنواعها وأمثلتها : البقوليات والمخبوزات وكذلك شملت الضريبة الأعلاف الحيوانية وغيرها مما يمس حاجة المستهلك مباشرة ، أضف إلى ذلك الخدمات التي تلامس المؤسسات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة .

هنا سأضرب بعض الأمثلة كأعلاف الماشية والدواجن ونحن نعرف أن هناك ثروة حيوانية كبيرة في السلطنة حيث ارتفع كيس العلف الخاص بالدواجن سابقا ٤٥٠ بيسة واليوم مع الضريبة وصل ٩٠٠ بيسة وعندما نعرف أن بعض المربين للدواجن يستهلك ١٠ أكياس يوميا وهو مصدر لدخله سنجد أن مربي الدواجن تكلف ٢٧٠ رع شهريا .
قس على ذلك جميع أنواع الأعلاف الأخرى كأعلاف الجمال والأغنام والأبقار .
وهناك مثال آخر للخدمات :
شاب صاحب عمل بسيط استأجر محلا في موقع تجاري و قد تم فرض الضريبة عليه وهو ممن لا تنطبق عليهم الضريبة لضعف مبيعاته السنوية لكنه ألزم بدفع الضريبة كون المؤجر مسجلا في جهاز الضرائب فازدادت مترتبات الإيجار عليه كما ازدادت قيمة شراء مشترياته للمحل وهو عبء يضاف إلى معاناته وخسائره مع الركود والأزمة وضعف المبيعات .
هذه أمثلة بسيطة لما يعانيه المواطنين فتطبيق الضريبة كتم على أنفاس الكثير مِن مَن كانت أحلامهم دعم المستهلك البسيط ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعم معاناة المسرحين بلا رواتب أو ممن تم تخفيض رواتبهم للنصف رغماً عنهم ليكون لهم مصدر رزق لهم و لعوائلهم أو الشاب الباحث عن عمل وقد أرهقه حمل شهادته من مؤسسة إلى أخرى ومن مقابلة إلى أخرى للمنافسة على وظيفة يجابه بها الحياة ومتطلباتها ويعيل أسرته التي تنتظر ذلك اليوم السعيد .

المعاناة كبيرة وصراخ المستهلك الضعيف في مجابهة كل تلك الملمات التي حصدت مدخراته ومدخلاته كبير جداً والضرائب التي تمس المواطن البسيط سوف تسهم في تحميله فوق طاقته خاصة في هذه الظروف الاستثنائية، والجمعيات الخيرية في مختلف محافظات السلطنة تضج بالطلبات التي يتشبث بها هؤلاء المحتاجون إلى دعم وإعانة لتسير مجريات حياتهم بما يستر حالهم .

اليوم أرفع الأمر بعد الله عز وجل لمجدد نهضة عمان وقائدها الحاني على شعبه جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله – بتأجيل هذه الضريبة بعد فرضها والرفق بتلك الفئات التي تعاني من قلة ما في اليد والغلاء في المعيشة فعمان تستحق الخير وأنتم أهلٌ لهُ أدامكم الله عزاً وذخراً للوطن وشعبه .
حفظ الله عمان وقائدها المعظم وشعبها وجميع شعوب العالمين وألبسهم ثوب الخير وجعل الله من بعد هذا العسر يسرا ومن بعد هذه المعاناة مخرجا .