المدرسة حياة…التطوير المنظمي رغبة وتحدّ
د. محمد بن أحمد بن خالد البرواني
محمد للإستشارات الإدارية والتربوية
alnigim@gmail.com
إن دراسة التطوير المنظمي للمنظمة التعليمية يعد ذات أهمية كبرى، فمهما توافرت الموارد المالية أو المادية فإن نمط سلوك العاملين يبقى العامل الحاسم إذا ما أريد للإدارة أن تحقق أهدافها المتوخاه منها بفاعلية إذ أنّ سلوك العاملين داخل إطار المنظمة يختلف تماما عن سلوكهم خارجها إذ أنه ليس بالضرورة أن يكون سلوك فردا أو جماعة من الأفراد هو نفس السلوك الذي يسيرون عليه خارج التنظيمات ،لمدير المنظمة التعليمية التأثير الكبير على المناخ الذي يسود المدرسة فالمعلمون إذا ما أدوا واجباتهم بشكل فعال في الجو المنفتح الذي يعبر عن الأفكار والمشاعر بحرية ويحكم على الأفكار على أساس قيمتها وليس على أساس مصدرها ويعملون جميعهم كوحدة لا كمجموعات وتكتلات صغيرة ومنعزلة فإن ذلك بطبيعة الحال سينعكس على المنظمة وبالتالي القدرة على تحقيق الأهداف.
لذلك يعتبر السلوك محل اهتمام الإنسان منذ القدم وهو جزء من محاولة الإنسان لفهم حقيقة نفسه وقد أدى تقدم العلوم الطبيعية في القرن الماضي إلى تأكيد حقيقة أن الإنسان إذا أراد أن يعيش لا بد له أن يفهم نفسه حيث قال الله تعالى :{بل الإنسان على نفسه بصيرة} سورة القيامة الآية(14)، {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} سورة الذاريات الآية(21).
إن التطوير المنظمي عملية تغيير إيجابي مقصود ومخطط هادف إلى الارتقاء بالمنظمات على مختلف ألوانها وأشكالها وأنه يتم على أساس مواجهة إيجابية فاعلة لقوى التغيير المحيطة بالمنظمات بحيث يأتي متناغما مع أهداف وقيم مدروسة تمت صياغتها وتنظيمها وفق أسلوب واع ومخطط ومدروس وموجه ويكون التطوير على مستوى المدرسة أو الفصل أو الكلية باعتبار أن كل من هذه التكوينات مؤسسات تعليمية.
إنّ ما يقلق التطوير المنظمي في مجتمعاتنا سلوك المتسلقين الذين لا ينظرون إلى التطوير ولا يدركونه ولا يعرفون مداخله ولا مخارجه ولا يهتمون بما يعود لمصلحة المجتمع، إنما يسعون لمصالحهم الشخصية التي يحققونها من خلال رمي العبء على الآخرين كما هو الحال في لعبة الإدارة ، فكلما أعطي القرد سلّمه لزميله ، حيث أن القرد يرمز إلى المشكلة ، والآخر يسلمه لزميله الثاني وهكذا حتى تصل الأعباء إلى المجتهد منهم والذي ينسبون إليه كل أهوال المؤسسة ومصائبها بينما النجاحات يتقاسمها هؤلاء المتسلقون الذين يرمون بالعبء على غيرهم ، رغبة منهم في الحصول على المناصب لمصلحتهم الشخصية ، فاللوم لا يلقى على المدرسة أو المجتمع، فالمجتمع خليط فيه القوي والضعيف، والعالم والفقيه، والمتعلم والأمي، والعارف والجاهل ، بل ينبغي التحسين أو التطوير إن كان ذلك جزءاً أو كلاً ، فالمتحدثُ هو جزء من ذلك المجتمع وما يمّس المجتمع يمّسه وما يحدث حادثٌ له.
والبحوث والدراسات تتناول أصل المشكلة وليس مجموعها وتعمل على حلّها أو تطويرها وكل فرد بما يملك من مهارات لا يتشابهون ، قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًاۚ الْحَمْدُ لِلَّهِۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ الزمر (29) ولا يتحقق التطوير إلا من خلال الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمادية المتاحة وتحديد العمليات المتعلقة باختيار القادة والمديرين وكافة الموظفين والتنسيق بين مختلف الجهود الجماعية مما يحقق أهداف المنظمة ويرفع الروح المعنوية للعاملين.