المدينة الجميلة
خولة كامل الكردي
أحبها رغم أني لم أرها، هي أرض الجمال الساحر، لطالما سمعت من الذين زاروها وحظوا بفرصة الاستمتاع بعبق الحضارة العربية الأصيلة، العجب العجاب عن حسنها، وأصالتها، وشاهدت من خلال وسائل مرئية روعة الطبيعة وامتداد روح الحياة في كل مكان فيها على مد البصر، حلمت بها في منامي برؤيا تتزين كعروس تتباهى بفتنتها وحسنها وحدثت نفسي بساعة اللقاء.
ما ساورني شك في عراقتها وعظم مكانتها ماضياً وحاضرا ومستقبلاً، وتلمست في خيالي جدران منازلها العتيقة التي يفوح منها عبق التاريخ العتيد، وصولات أبطالها العظام، لا يرهبون عدو وافئدته عامرة بمحبة الله، آثروا حبها على أي حب، وعشقوا تراب أرضها المرصع بآثار من سبقوهم فبنوها وشيدوا المدن والماذن والقلاع والبساتين والقصور ودور العلم والعبادة، وغيره الكثير من العمران البديع.
هي أرض طاهرة لا يطؤها غلول طامع، محرمة على من أراد بها السوء أو حاول تدنيس ترابها العذري، هي عمان الجميلة تلك المدينة التي تروي جدران بيوتها حكايا ساكنيها، أصحاب همة وعزيمة لا تلين، ما عرفت لها نظير بجمال سهولها وشموخ جبالها وروعة هضابها وتألق تلالها، هي عظيمة في كل تفصيلة من تفاصيلها، والحديث عن أهلها حديث ذي شجون، الطيبة هي سمتهم والروح المفعمة بالأمل والمثابرة من أجمل ما يتمناه البشر، يشتم المرء فيها قصص الأجداد العظام الذين حفروا بأظفارهم، تاريخ أعظم مدينة شيدها الإنسان.
لا يمكن أن تجمل العبارات قصة عمان الجميلة، وإن خط القلم حروفا في مدحها، تألفت الحروف بقلائد نور وتيجان ذهب، وانكفات الأزهار على نفسها خجلا من إبائها ونخوتها. من بحرها إلى أرضها لسمائها النقية، تتغنى الطيور نسائمها العليلة التي ترد للمشتاق ضالته وللعليل عافيته.
تبقى عمان الإباء أرض الجمال والكرم، وتبقى في الذاكرة صور حياة تشع من كل ذرّة من ترابها العزيز، تتمايل سنابل الخير زهوا وفخرا، وتستمد النفس الإنسانية من شمسها شعاع أمل وسكينة ومن قمرها نور يضيء سماء الدنيا، سلمت يا عمان وسلم أهلك ودمت نبراسا ينير طريق المتيمين بترابك الغالي.