القانون الذي ينظم ٧٠٪ من مساحة الكرة الأرضية
ظافر بن عبدالله الحارثي
تشغل المياه التي تتمثل في (البحار والمحيطات) أكثر من ٧٠٪ من المساحة الإجمالية للكرة الأرضية، وتشكل بذلك إحدى الموارد والمقومات الأساسية للإنسان، وبعد اكتشافها كان من المتوقع أن يوظفها الإنسان لخدمة حاجياته، بل الحرص على استغلالها بشتى الطرق حتى شكلت اليوم ضرورة ملحة، فأصبحت وسيلة للتنقل والإتصال، وطريقًا حيويًا للتبادل التجاري ونقل البضائع، ومصدرًا مهماً للغذاء والثروات، وعنصرًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، ونظرًا لعنصر المشاركة التي فرضه الإنسان من خلال سلوكياته، استدعت الحاجة إلى وجود تنظيم لضمان الإستمرار والإستقرار، وتجنب الفوضى والإندثار مما جعل من القانون البحري هو المرجع الأساسي لصياغة كل الممارسات المتصلة بهذا المورد المهم.
” القانون البحري هو عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تَحكم العلاقة البحرية وتُحكم العلاقات التي تنشأ بين أشخاص الملاحة البحرية”، ونظرًا لرأي الفقه القانوني فإنه ينقسم إلى القانون البحري العام وإلى قانون بحري خاص، ويرجع تحديد ذلك حسب نوعية أشخاص القانون فعلى سبيل المثال:( إذ كانت الدولة طرفًا باعتبارها صاحبة سيادة فنكون بصدد القسم العام، أما إذا كانت بصفتها شخصاً اعتباريًا خاصًا فنكون بصدد القانون الخاص، كما أن هذا القانون يستند على عدة مصادر، منها مصادر إلزامية ويندرج تحته بالترتيب: (القانون البحري العماني رقم 1981/35، أحكام المبادئ العامة لأي تشريع عماني خاص بالملاحة البحرية، أحكام الإتفاقيات الإقليمية والدولية، العرف البحري، والعادات البحرية)، وكذلك إلى مصادر غير إلزامية وتحتوي على أحكام القضاء وآراء الفقه.
إن القسم العام من القانون البحري يتناول عدة مواضيع أبرزها، موضوع القانون الدولي العام البحري وهو يضم مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات البحرية بين الدول سواء في زمن السلم أو الحرب، كما يشمل تنظيم حرية الملاحة في أعالي البحار، وتحديد حدود المياه الإقليمية لكل دولة والجرف القاري لها، كما يحدد مدى حق الدولة في استغلال الثروات الطبيعية البحرية، علاوة على تنظيمه للعلاقات الدولية الخاصة بصيد الأسماك والحصار البحري، والمهربات البحرية، والغنائم البحرية، وتقريره الحماية البيئة البحرية.
ويشمل القسم العام كذلك مواد القانون الجنائي البحري الذي يعالج الجرائم التي قد تقع على ظهر السفينة وماهية العقوبة المقرر لها تحقيقاً لضمان الأمن البحري أثناء الرحلة ووصولاً إلى نهاية الوجهة، وبالإضافة على ما سبق يندرج تحت هذا القسم أيضًا مجموعة من قواعد القانون الإداري البحري الذي يهدف إلى تنظيم العلاقات الناشئة ما بين العاملين في الملاحة البحرية وبين الدولة،
وذلك على اعتبار إمساك الدولة بمجموعة من الإجراءات على سبيل المثال:( إجراءات لإكتساب السفينة الجنسية، تسجيل السفينة، التأكد من مؤهلات الربابنة والملاحين، تنظيم الإرشاد في الموانئ والقواعد وغيرها)، وفي المقابل يحتوي القسم الخاص على قواعد القانون الدولي الخاص البحري الذي يشتمل على مجموعة من القواعد المتعلقة بتنازع القوانين البحرية عند وجود عنصر أجنبي فيها، وكذلك مجموعة من قواعد القانون التجاري التي تشمل نصوص تنظيمة لاستقلال النقل البحري (على سبيل المثال).
وبما أنني أتحدث عن القانون البحري ودوره لا يمكنني أن أكمل بدون تسليط الضوء على الأداة والمنشأة المستخدمة في البحار وهي (السفينة)، فقد عرف المشرع العماني مصطلح (السفينة) في القانون البحري- رقم 1981/35- في المادة 9 بقوله ” السفينة هي كل منشأة تعمل عادة أو معدة للعمل في الملاحة البحرية وتشمل على جميع الملحقات والتفرعات الضرورية لاستثمارها”، أما الملاحة البحرية فيقصد بها تلك التي تقوم بها السفن دون غيرها من المراكب والقوارب والزوارق ، حيث أن هذه الملاحة هي التي نقصد بها تأتي في إطار تطبيق هذا القانون، لأن للسفن طريقة بناء معينة وأبعاد محددة وقوة تستطيع من خلالها مواجهة مخاطر البحر، وللملاحة البحرية أنواع، حيث يرى الفقه أن لتحديدها لابد من النظر إلى عدة عوامل: (كغرض الرحلة البحرية، والمسافة التي تقطعها السفن أثناء الرحلة البحرية، والجهة التي تعود إليها السفن)، إلا أن نطاق تطبيق هذا القانون يسري على جميع أنواع الملاحة البحرية بغض النظر عن هدف هذه الملاحة، وهذا الأمر منصوص عليه في المادة الاولى من القانون: ” تسري أحكام هذا القانون على جميع أنواع الملاحة البحرية سواء أكانت هذه الملاحة تستهدف الربح أو لم تكن ، وسواء أكانت تمارسها ذوات طبيعية أو ذوات معنوية “.
إن هذه الأداة البحرية (السفينة) حتى ينطبق عليها هذا الوصف لابد من توافر شرطين أساسين:-
– أن تكون الأداة/ المنشأة صالحة للملاحة البحرية، وتكون صالحة متى ما أدخلت إلى البحر ومتى ما أستخدمت لأغراض الملاحة البحرية، كما تفقد هذه المنشأة هذه الصفة إذا تحولت إلى حطام.
– أن تكون المنشأة مخصصة للملاحة البحرية، ومعنى ذلك أنها قادرة على مواجهة مخاطر البحر.
ويترك أمر إختيار اسم السفينة للمالك بشرط أن لا يكون الاسم متكرراً، وهذا الأمر نص المشرع عليه صراحة في المادة (14) من القانون.