مقال: البعد الحضاري لعمان
عبدالله بن حمد الغافري
عمان ذلك الإقليم الثابت على عرين الركن الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية .. عمان الإقليم الواسع سواء كان في الدولة الحالية أو في الدولة التاريخية بكل تفاصيلها ..
وتتضح أصالة هذا الإقليم وعراقته من الأمجاد التي عاشها قديما والمنجزات التي يحياها حديثا ..
عمان البلد المترامي الأطراف المتنوع التضاريس بين الجبال والسهول والصحاري والشطآن .. المتعدد البيئات عمان الإنسان وعمان البيولوجيا الحيوية عمان الصفيحة العربية وقفل القارات عمان الجبال الاصيلة لحماية طبقة الاوزون هل رأيت كرما على الكرة الأرضية من جزء منها كعمان؟.. عمان الطموح والأهداف العالية ..
أنى وجهت وجهك تجد عمان قبلة لك .. تريد الحضارة فعمان أسها .. تريد البيئة فعمان مهدها تريد التنوع البشري فعمان تضم جميع الأجناس العربية من معد وقحطان بل منها خرجت القوافل المهاجرة في الفتوحات الإسلامية في الشرق والغرب والجنوب
هل علمت بكانتون؟ هل أدركت كوريا والتسمية العمانية ! هل سمعت بتونس الخضراء التي ولدت فيها من أصل عماني منذ الف عام ولم تزل أمك تحبل!؟ هل علمت بغرناطة السليبة وتأريخها البحري وفكرها الاستكشافي ليقول لك البحارة العمانيون نحن معكم!! أتعتقد ان كولمبس هو مكتشف الأمريكيتين! !؟
هل سمعت بأساطيل الفتوحات منذ ذات الصواري في الساحل الليبي الى خضوع مقديشو وممباسة وزنجبار وارخبيل موزنبيق? هل علمت شيئا عن أعالي نهر الكونغو وأدغال أفريقيا؟ هل سمعت عن اليعربي والمرجبي و المزروعي و أمراء زنجبار وسلاطينها .. أين عنك سلطان البحار وموحد الأمصار السلطان سعيد بن سلطان .? هل علمت قبل ذلك عن النباهنة الأطواد واملاكهم الأفريقية في القرن الأول الهجري..
ام هل أدركت مضيق سومطرة وابن القاسم وباني المساجد في الصين ..
(وطني لو شغلت بالأمجاد عنك ،،لم أجد في الدنا مجدا سواكا ! عبدالله الغافري)
تذرف العيون دمعا من ذكر مآثرك يا موطني .. وأنتم يابني قومي كفاكم شرفا وعزا شهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم (لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك وما ضربوك)
*ومن حسن الطالع أن تتوافق هذه المناسبة الوطنية في أيامنا مع مناسبة ميلاد سيد البشرية ومنقذ الإنسانية محمد ﷺ*
فحري بنا ونحن ننعم بذلك ان نتمسك بثوابتنا الإيمانية والوطنية والقومية ..
نحن أمة متجددةفي ذاتها ولسنا بحاجة الى من يثير اهتمامنا أو يخبرنا بما ينبغي علينا فعله ..! فشعلة الضياء وقبس السناء لا يزال ساطعا بحمد الله تعالى .. فهذا *مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله تعالى ورعاه* يمتطي صهوة مجد عمان لياخذ بها الى بر الأمان جاعلا منها قبلة لكل من ينشد السلام ويطلب الوئام .. أرض عمان لم تكن يوما دارا للفتن كما أن سيوفها لم تشهر الا في وجوه الطغاة والحاقدين فرجعوا القهقرى وخرو على أذقانهم صرعى لأنهم ما أدركوا وطيس الوغى ولم يقدروا لليوث الهصورة سطوتها فساءت ظنونهم وخابت آمالهم
وهاهي الرزحة الشعبية التي يتغنى بها بسطاء عمان *(دار العرب ما حصلت يا أولاد عمي الصفوف .. والنار إذا ما أشعلت بندوس عليها بخفوف!)*
المقام لا يسمح بذكر النماذج الكثيرة فمن سلوت البهلاوية الى نكسة جيش هارون الرشيد بالجيش الصحاري الوارثي الخروصي مرورا بفتوح السواحل ودحر المحتل الغاصب بالجيش اليعربي وهاهي بوابة مسقط بقلاعها في مطرح ومسقط والقريات تبقى صورة نموذجية للأجيال المتعاقبة تنبئ بأصالة عمان ولم تكن تلك القلاع الا نافذة ساطعة عن قلاع الداخل في الرستاق والحزم ونزوى وعبرى وبهلا وأزكي وقلاع جعلان ونخل وصور والصير وصحار وغيرها من الحواضر العمانية العريقة في الساحل والداخل..
والنهضة العمانية المعاصرة بقيادة باني عمان *مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المفدى* حفظه الله تعالى ورعاه في كل ربوع الوطن تشهد على عراقة الإنسان العماني وكرامته .. فمع الاهتمام بالإنسان وتنميته باعتباره هدف التنمية وغايتها الا أن الحكومة الرشيدة لم تغفل الجانب التراثي الأصيل لعمان حتى لا تطغى الحداثة على الأصالة وحتى يبقى عبق تاريخ الأجداد موصولا إلى الأحفاد بحبل النهضة المتوازنة المستنيرة فهم غرسوا ونحن نأكل وعلينا أن نقوم برد الجميل من خلال غرس طيب يستثمره أبناؤنا .. والقافلة لن تتوقف بإذن الله تعالى إنما ستتقدم بنور الله عزوجل وقوته وبفضل ما يسخره لهذا الوطن من السواعد المخلصة والعقول الحكيمة والآراء السديدة التي تحفظ لعمان وشعبها كرامته وعزته وحريته وحياته الكريمة .. *”بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ”*
[سورة التين : 1_ 4]
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ ….ُ) [سورة البقرة : 126]
فهنيئا لك يا وطني مجدك التليد وأعيادك المباركة جعل الله تعالى أيامنا كلها أعيادا ومناسبات سعيدة سائلين الله العلي العظيم ان يعيد يومنا الوطني هذا على مولانا جلالة السلطان قابوس المعظم وهو يرفل في ثوب الصحة والعافية والسعادة والعمر المديد وعلى الشعب العماني العريق بالازدهار والنماء والاستقرار وكل عام والجميع بخير