المدرسة حياة .. الأم مدرسة
د. محمد بن أحمد بن خالد البرواني
غرّد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، على حسابه في تويتر بأنه ينظر إلى المرأة بأنها المجتمع كُلّه وليست نصفه كما يقولون، وذلك أمرٌ لا مجال فيه للأخذ والرّدّ.
فالأمّ مدرسةٌ إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
إن الدعوة التي يطلقها الغرب بعالمهم المادي المتجاهل للمسلمين بأهمية الاهتمام بالمرأة ليس المسلمين بحاجة إليها؛ فهم الأولى بهذه الدعوة لتوجيهها للغرب بأن يعملوا على تكريم المرأة وتقديرها، وإعطائها كلّ حقوقها التي قدّمها لها الإسلام إذ أنه الذي حرّرها من الوثنية والوأد والعار الذي كان يعتقده أهل الشرك والضلالة من وراء المرأة التي لم تظهر مكانتها وعزتها وإبائها إلا بالإسلام، فأنجبت القادة والعلماء والمفكرين، وأسهمت بدورها في نشر القيم والمبادئ الإلهية أيّما إسهام، وبنَت مجتمعات تمّيزت بالعدل والسماحة وحبّ العمل والعلم.
وقد أورد الكاتب محمد ابراهيم سليم في كتابه نساء حول الرسول صلى الله عليه وسلم بأن رفيدة طبيبة من كريمات النساء، من الصحابيات الفاضلات، بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، واشتركت فى غزوتى الخندق وخيبر، وكانت رضي الله عنها قارئة، كاتبة، وصاحبة ثروة واسعة، حيث كانت تنفق على عملها هذا من حُرِّ مالها، وخالص ثروتها، متطوعة بالجهد والمال فى سبيل الله.
إن اهتمام المرأة بأبنائها في التعليم أمرٌ يؤكد تفوقهم ونبوغهم، وهذا حاصل للمتتبع لأحوال المرأة وبذلها في سبيل أبنائها، فكم من امرأةٍ تعاني من سلوك زوجها ولكنها سعت من أجل أبنائها، فنالت الشرف الرفيع والمكانة السامقة، منهن من حصل لهن الطلاق ولديهن الثلاثة أو الأربعة من الصغار فعملن عاملات في مؤسسات مختلفة، واستطعن الوصول بأولادهن إلى مراتب أعلى، ومنهن من هاجرن لنيل لقمة العيش وتربية أولادهن خارج أوطانهن، ومنهن من عملن على تربيتهم على ما يجود به الآخرين.
قصص كثيرة مثيرة عايشتها أفرزت رجالاً أشداء صابرين ومكافحين ومتعلمين.
أسرة تعيش في غرفةٍ تهجر بلدها الأصلي إلى بلد آخر وتعيش في غرفة، فتعمل الأم على طبخ اللقيمات والمندازي، ويذهب الأطفال لبيعه فيُرزقون وتنمو أرزاقهم، وينعمون بالخير العميم والفضل الكبير من جهد أمٍّ أثارت دوافع أبنائها فحفزتهم وأعدتهم، تلك هي الأم المعدّة للمجتمع العامل الصابر المتعلم الناجح.
ليس مقدار الفتاة في زهوها وظهورها على السوشل ميديا، بل بحشمتها وثقافتها وعلمها، وبمقدار ما تملك من مهارات تساعدها في حياتها، هذه المرأة التي يطمح أن يتزوجها كل شاب، سمتة ذات حياء لا كاشفة ولا عارضة ولا متبخترة.
إنّ أفضل ما تتعلمه المرأة تحديات الزمان وتقلبات الأفراد وأطماعهم، وأن تعمل على تقوية جوانب ضعفها وأن تتدرب على التبصّر في من حولها، وهي قادرةٌ على ذلك إلا أنه عليها أن تضع ذلك في ميازين المبادئ والقيم التي تكفل عزتها ومنعتها وحفظ نفسها من الضياع وسرقة ممتلكاتها بعواطف كاذبة وكلمات خادعة تتدفق لها المشاعر لحظة ضعف.