قرية سِني بولاية الرستاق
الرستاق-العمانية
تعد قرية سِنيْ (بكسر السين وسكون الياء)، من أكبر قرى وادي بني غافر بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، تقع
في الجنوب الغربي لوادي بني غافر وسط الجبال الشاهقة الممتدة لسلسلة الحجر الغربي المتصلة بمحافظة الظاهرة وتبعد عن مركز الولاية 60 كيلومترا عبر الطريق الذي يربط الولاية بمحافظة الظاهرة.
وأسم القرية يعني المكان المرتفع لأنها تقع على مسافة مرتفعة من القرى الواقعة على ضفاف وادي “سداق” الشهير، وحسب رأي الأهالي فإن تسميتها وردت من سنا العين لاستقرارها الآمن، فهي تحيط بها الجبال من ثلاثة اتجاهات، ومحصنة بأبراج إضافة إلى الأفلاج المستمرة في الجريان طول العام دون جفاف.
وقرية سني ذات تاريخ عريق، فهي قرية قديمة من خلال الشواهد للعديد من الآثار التي تحويها لبعض التجمعات القبلية التي وفدت إليها وهاجرت منها قبل الإسلام، ونجد أن بعض الأدباء والفقهاء تغنى بها في أشعارهم شوقا لها وما تبقى من ذكريات، وأخرى في المدح والثناء.
كما تعد القرية موطنا لشخصيات علمية وتاريخية منها موطن الشيخ العلامة مبارك بن سعيد الشكيلي الذي عيّنه الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي في القرن الثاني عشر الهجري واليا بحصن الصير بجلفار ( رأس الخيمة) ثمّ واليا على “مقنيات” بالظاهرة، وصاحبُ العديد من كتب المخطوطات التي تم تنقيحها وطباعتها حديثا مثل “مجموع البيان لحسن مكارم الأخلاق على مر الزمان” و “المصنف” وغيرهما من المخطوطات.
وتزخر القرية بتراث عريق حيث يوجد بها العديد من التحصينات الدفاعية كالأبراج الأربعة التي تحيط بها إضافة إلى حصن بيت الحجرة وهو بيت أثري ذو تحصينات تمرّ من خلاله قنوات فلج الحديث الذي يزوّد الحصن بالمياه قديما، كما توجد بيوت صخرية منتشرة في ربوع القرية بسهولها وجبالها إضافة إلى العديد من المخطوطات والرسومات الصخرية التي
تنتشر في ربوعها.
وفي القرن الحادي عشر الهجري تم إنشاء جامع كبير يضم مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علوم التجويد والنحو، وعلى مقربة من الجامع توجد بئر للوضوء أسفلها عين ماء يتم النزول إليها عبر سلم صخري جميعها تحفة أثرية بتصميمها الهندسي وبراعة الإنسان العماني قديما.
وقد تم ترميم الجامع على مرحلتين بطابع حديث، كما توجد خمسة مساجد أثرية مثل مسجد الشوير والصفا والحجار ولا تزال تلك المساجد موجودة إلى يومنا هذا.
وتوجد بالقرية ثلاثة أفلاج وهي من ينابيع الجبال الشاهقة أهمها فلج العين وفلج الحديث وفلج الحلحلي وجميعها عيون مائية لا تتأثر بالجفاف، وجميعها تروي بساتين النخيل والمحاصيل الزراعية المختلفة عبر جداول مائية ويتم تنظيم حصص مياه الأفلاج حسب نظام متبع توارثته الأجيال، كما تم تخصيص حصة من مياه كل فلج تسمى “القعد” يتولى كاتب وأمين الفلج استلام المبالغ لغرض صيانة تلك الأفلاج وبمشورة الأهالي.
وتشتهر القرية بزراعة النخيل وأشجار المانجو والليمون، إضافة إلى مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالأعلاف الحيوانية كالذرة والحنطة وغيرها من المحاصيل الموسمية حسب الجدول المناخي للموسم الزراعي.
ويمارس الأهالي العديد من المهن والحرف التقليدية مثل نسيج السعفيات وتربية المواشي والمناحل وغيرها من الصناعات التقليدية. ومن الفنون التقليدية التي يحرص أهالي القرية على إحيائها في المناسبات المختلفة (فن الرزحة) الذي يحييه الأبناء بصحبة آبائهم في منظر فريد يدعو للفخر بأن الفنون التقليدية ستظل باقية لأجيال قادمة مهما دخلت التقانة والعصرية والتقدم.
وتضم قرية سني عددا من المجالس الاجتماعية الكبيرة والصغيرة التي يقيم فيها أهالي القرية مناسباتهم الاجتماعية المختلفة وتبادل الآراء والمقترحات فيما يفيد الصالح العام.
وعلى مستوى المبادرات المجتمعية وغرس ثقافة العمل التطوعي بين أبنائها قام الأهالي بتنفيذ بعض الأعمال التي يعود نفعها للجميع مثل نظافة الأحياء السكنية وإزالة المخلفات الزراعية.
جدير بالذكر أنه تم أخيرا زيارة جميع المواقع الأثرية في القرية من قبل المختصين بدائرة التراث والسياحة بمحافظة جنوب الباطنة، حيث يقول علي بن عباس العجمي مدير إدارة التراث والسياحة بجنوب الباطنة: “قرية سني من القرى السياحية الجميلة بطبيعتها التي تتنوع فيها مقومات السياحة البيئية والتراثية، أما فيما يتعلق بالمشاريع السياحية فإنه حتى الآن لم يتقدم أحد من الأهالي بطلب إقامة بيوت ضيافة أو نزل خضراء أو أي نوع من أنواع النزل الإيوائية التي بدأت في الانتشار في بعض الولايات والمحافظات. مشيرا إلى أنه وفي زيارة سابقة للقرية طالب الأهالي بترميم برج الصماء وجارٍ العمل في الموضوع.