بناء الشخصية الرزينة
خلفان بن ناصر الرواحي
إنّ مما لا شكَّ فيه، إنَّ الرزانة والحكمة هي من الصفات المحببة والواجب توافرها في بناء شخصيّة الإنسان؛ وذلك لأهميّتها في تميّزه ومساعدته في تكوين قوة شخصيته وعلى اتخاذ القرارات المتوازنة والمبهرة فيما يتعلّق بأمور حياته، بالإضافة إلى مُساعدتها له على التحكّم بمشاعره والتصرّف بطريقة صحيحة لتجنُّب الوقوع في أخطاء الماضي، وتجنب الخوض فيما لا يعنيه، ليتدارك هفوات وزلات الحياة لترفع من قيمته وتزيد من قوة شخصيته.
يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”، فَلَو أمعنا النظر فيما يمر بتفاصيل الحياة بكُلِّ حركة أو سكون، وبكُلِّ أمرٍ من أقوالنا وأفعالنا، واستخدمنا ميزان الرزانة والحنكةِ في كل موقف؛ لعشنا بعقلٍ وذهنٍ صافٍ يمكننا من اتخاذ القرار الصائب، ويجنبنا الخوض فيما لا يعنينا؛ لنعيش في رَاحةِ بالٍ ورزانةٍ وحكمة تمكننا من كسب القلوب، ويمكننا لكيفيّة تقييم المواقف ورؤيتها من زوايا مُختلفة، ممّا سيُعزّز من إدراككِ العالم المعايش من حولنا.
بالإضافة إلى ما تم الإشارة إليه من بعض الركائز التي يجب أن يُهتمَّ بها لبناء الشخصية الرزينة من وجهة نظرنا هي أن تتركز في ترك أمرين مهمين وهما؛ ترك ما لا يعنينا ويختص بغيرنا، وترك ما لا نملك من المعرفة الكافية للخوض فيه، لنكون ذَا قدرة وتمكننا في صفاء الذهن ونقاء السريرة، والوعي في إدراك أسباب الراحة والصحة وتضييق دائرة الاهتمام بالأشياء التي لا تعنينا لتجنب منغصات الحياة.
عليه فإن تأسيس وبناء الشخصية الرزينة يجب أن يسودها أيضاً الثقة بالنفس، والتنازل عن بعض الأمور التي لا تشكل عائقاً في قوة الشخصية، وإنما تزيدها قيمة وتفرداً في قربها من القلوب، فالتعاطف والتسامح مع الاَخرين عند الإساءة أمرٌ مهم، إذ يجب النظر بالسبب الذي دفع المُسيء للتصرّف بهذه الطريقة.
كما أنَّ هناك أمور عدة لا يتسع المجال لذكرها، فَلَو اكتفينا ببعض مما تم ذكره لكنَّا في زمرة أصحاب الرزانة والحكمة، وهذا كله يُساعدنا على تحليل المواقف، وممّا يمنحنا الشعور بالتعاطف والتسامح، وراحة البال ورزانة التصرف وقوة الشخصية في تحكيم العقل والمنطق بما يجنبنا الخوض في أعراض الغير، وتجنب ما لا نفقه أمره.