التوازن بين الحياة والعمل
خلفان بن ناصر الرواحي
إنَّ من أصعب الأمور والتحديات التي تواجهنا في حياتنا المعاصرة؛ هي فقدان السيطرة في خَلق نوعٍ من التوازن بين حياتنا والعمل، فكلما كبرنا زادت المسؤوليات، وكلما حصلنا على منصبٍ وظيفيّ أو عملٍ فرديٍّ حرّ، ازدادت المسؤولية وفقدنا التوازن، وربما غلبت كفّة ميزان العمل على حياتنا الفردية والجماعية، وقلّ الاهتمام بالجانب الأُسَري والمجتمعي للتعايش والاندماج مع مفردات وتفاصيل حياتنا اليومية.
ومن هنا تنبثق أهميّة الحفاظ على التوازن بين كلٍّ من الحياة الشخصية والعمل، وليس ذلك فقط لضمان راحتنا ونجاحنا الشخصيّ، وإنّما لتحقيق رفاهية مَن حولنا أيضًا.
وكلّما ازداد عدد الأشخاص الذين يعتمدون علينا سواء في العمل أو في المنزل أو المجتمع المحيط بنا، ازدادت أهمية تحقيق هذا التوازن. فقد نجد أنفسنا بعيدين عن مبدأ تحقيق أداء الحقوق والواجبات إذا فقدنا السيطرة على مجريات سَير الحياة، وربما يؤدي ذلك إلى تحمّلنا أعباء كثيرة تكون على حساب صحتنا ومالنا وعلاقاتنا الأسرية أيضاً.
فالنجاح في الحياة ليس فقط كسب المال والمناصب، وإنما خلق نوعٍ من التوازن في العلاقات والمشاركة، ومع اليقين بأن ذلك ليس سهلًا، إلا أنه مطلبٌ ضروري لحياتنا الخاصّة والعامة، وعلينا قدر الاستطاعة أن نسعى جاهدين إلى تحقيق نسبةٍ مقبولة من ذلك التوازن.
لذلك يحتاج خَلق التوازن في حياتنا إلى أخذ جميع عناصر الحياة بعَين الاعتبار والتي يمكن أن نقسّمها إلى عناصر داخلية، وعناصر خارجية. فالعناصر الداخلية: تشملنا نحن كأشخاص، ويندرج تحتها القلب والعقل والجانب الروحي.
والعناصر الخارجية: تشمل كلّ العوامل المحيطة بنا من أشخاص أو أماكن، كالعمل، والنشاطات الاجتماعية، والعائلة ووسائل الترفيه أو النشاطات الأخرى.
وعليه: فإنه من الواجب علينا أن نحدد الأولويات في حياتنا بقدر ما نسطيع، ونحدد الوقت والجهد لكل عنصر من عناصر الحياة، ولا نختلق الأعذار بصفةٍ دائمة، لفقد التوازن بين الحياة والعمل، وعلينا أن نتذكر دائمًا وأبدًا بأنَّه: كما أنَّ لنا حقوقاً وواجبات، فإنه أيضًا علينا حقوق وواجبات متبادلة مع خالقنا وذواتنا، ومع أسرتنا ومن نعُول، ومع مجتمعنا ووطننا، وأصدقائنا وزملائنا، ومع كل تفاصيل الحياة للوصول إلى النجاح الحقيقي في حياتنا، وتحقيق التوازن بين الحياة والعمل.