الجميع يحمي نفسه فمن يحمي الضعفاء؟
راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية
—————————————
منذ بداية فكرة رفع الدعم الحكومي عن قطاع الكهرباء والماء وحتى كتابة هذه السطور في مقالتي المتواضعة لم أكتب أو أناقش أحداً في ما آلت إليه الأمور التي يتكبد تبعاتها المواطن البسيط يوماً بعد يوم .
الكهرباء والماء عصب الحياة ، والدولة بإمكانياتها وقدراتها تستطيع تخطي هذه الخدمات التي تمس المواطن في حياته اليومية ، ففي البيوت المريض وكبير السن والطالب المتعلم والأهل الذين يجب أن ينعموا بهذه الحياة الكريمة ، فلا بد من وجود الكهرباء التي هي عصب الحياة ولا يستغني عنها أحد اليوم وهي تدخل في جميع مناحي حياة الإنسان.
الجهود حثيثة من الحكومة نحو اتزان مالي مطمئن وفق رؤى وسياسات تمتد لمعظم الجوانب المالية وجوانب الإنفاق العام في الدولة مع فرض بعض الرسوم والضرائب الجديدة لبلوغ الحدود الآمنة في الدين العام .
شيء جيد نحو المرحلة القادمة من العمل الجاد وإنعاش الموارد المالية ، ولكن أن تمس كل هذه الإصلاحات المواطن الكادح الساعي للقمة عيشه فهذا أمر صعب ستترتب عليه الكثير من المشكلات والمعاناة لكثير من الأسر وأبناء المجتمع .
فمقياس الدخل الذي اعتمدت عليه الحكومة في تنفيذ سياسة رفع الدعم يشوبه الكثير من التساؤلات والنقاشات من حيث : كم يبقى من دخل الفرد ؟ وإذا كانت عليه ديون بنكية أو ديون أخرى متراكمة نتيجة تجهيزه لمسكن أو تعليم أبنائه أو علاج يضطر لشراءه أو شراء سيارة أو قطعة أرض ليسكنها ، ومن أين له مواجهة مصروفات أبنائه وأسرته وقد يكون راعيا لأبويه أو لأحد من كبار أهله؟
ومن أين يوفر مبلغا لتعليم أبنائه ومتطلباتهم المدرسية والجامعية وغيرها من ملبسٍ ومأكل ومسكن
وكذلك توفير الرعاية الصحية لمن يتطلب منهم خارج الرعاية الصحية المقدمة كبعض الأشعات والأدوية والعلاجات الطارئة ؟
اليوم ومع إعلان رفع الدعم عن الكهرباء بادرت معظم الشركات العاملة في توفير معظم المواد الغذائية والكمالية وغيرها إلى تنبيه العملاء عن رفع أسعارها وحماية نفسها والهروب من تكفلها ببعض التبعات وانخفاض أرباحها إلى رمي الكرة في ملعب المستهلك الذي لن يجد بُداً من استهلاك تلك المواد وشرائها فيتكبد كل تلك التبعات من رفع الأسعار .
لو وضعت حلول وسطية لدعم الحكومة في إصلاحاتها كرفع التعرفة على الجميع إلى ١٥ بيسة للكيلو وات للاستعمالات السكنية و٢٥ بيسة للتجارية والصناعية لكانت الالتزامات و المترتِبات أقل على الجميع، وسيعايش الناس هذا الواقع بأريحية وسيتقبلوا من أجل الوطن هذا الارتفاع في الأسعار .
اليوم يحمي الجميع نفسه ،فالشركات الكبرى والمستثمرون والتجار وأصحاب الأموال يحمون أنفسهم باستقطاع هذه الزيادة في أسعار الكهرباء من رفع أسعار منتجاتهم وخدماتهم المقدمة للمستهلك ( المواطن ) .
فمن يحمي الضعفاء وأصحاب الديون وأصحاب الالتزامات الأسرية الكبيرة من شبح مثل هذه القرارات المصيرية عليهم ؟
سؤال نتمنى النظر إليه بعين الاعتبار والتقدير لحقيقة ما سيحدثه قرار رفع الدعم من تأثيرات مباشرة على المواطن .
حفظ الله عمان وجلالة السلطان – أبقاه الله – وشعبه الوفي وأسبغ عليهم خيراته وأنعم عليها من واسع فضله الكريم .
# سناو
الاثنين : ٦-٥-١٤٤٢ للهجرة
الموافق : ٢١-١٢-٢٠٢٠م