الأمن الإلكتروني
ظافر بن عبدالله الحارثي
الأمن من الركائز المهمة التي يعتمد عليها المجتمع في استقراره وازدهاره، فيرتبط الأمن مع التنمية والنهضة وبوجوده تتقدم كافة المجالات، وحتى يتحقق لابد من تكاتف جميع أجهزة الدولة، ووجود تشريعات تحد من أساليب زعزعته، والأهم من ذلك وجود وعي بين أفراد المجتمع ومؤسساته المدنية؛ ويعد الأمن الإلكتروني موضوعنا الدارج في حاضرنا ومستقبلنا نظرًا لإعتمادنا الكبير عليه، مما يجعل من مسألة أمنه مطلب متجدد حتى نواكب مخاطره أول بأول، فكلما تقدمنا وتطورت التقنيات ظهرت أساليب جديدة من الجرائم الإلكترونية.
فالجريمة الإلكترونيّة هي نشاط غير قانوني، قد يقوم بها فرد أو مجموعة من الأفراد تعارف الفقهاء تسميتهم “القراصنة”، ويتمثل هذا النشاط بإنتهاك غير أخلاقي لغايات محدّدة، قد تكون ماديّة أو معنويّة وإلحاق الخسارة المؤكّدة بالضحية، حيث تعتمد هذه الجرائم على اختراق أمن المعلومات الإلكترونيّة وتدميرها وإلحاق الضرر بها، وتحمل الجرائم الإلكترونيّة عدة مسميات منها : جريمة التقنيات، وجرائم الحاسوب والإنترنت، والجريمة السايبرية.
ولكي نعلم خطورة هذه الجريمة لابد من التعرف على ما يميز هذه الجريمة عن باقي الجرائم من خلال الخصائص التي تقوم عليها والمتمثلة في:- صعوبة الكشف عن مرتكب سلوك الانتهاك (الفعل المجرم) بالأساليب العادية إذ يتطلب الأمر مهارات تقنية خاصة وذلك على إعتبار:-
أولًا:- أن السلوك المرتكب غير مألوف وغير تقليدي،
ثانيا:- سهولة إخفاء آثرها؛ كما أن الأضرار الناجمة عن هذه الجريمة غير قابلة للقياس فقد يكون الضرر جسمًا وقابل لتفاقم والامتداد، كما تقوم هذه الجريمة بخاصية التباعد؛ أي يمكن للجاني أن يؤتي بالنشاط الإجرامي من أي مكان وأي توقيت.
ولهذه الجريمة أنواع تتمثل في كونها قد تستهدف الأفراد، وقد تستهدف الشخصيات الاعتبارية (كالجهات الحكومية، والشركات)، فإما أن تكون جريمة إلكترونية عبارة عن هجمات يشنّها القراصنة على المواقع الرسميّة الحكومية وأنظمة شبكاتها، وإما تكون جرائم غرضها التشهير وإساءة السمعة، وإما أن تكون جرائم غرضها الاعتداء على الأموال أو الابتزاز الإلكتروني.
إن الجهود التي بذلتها السلطنة لمكافحة هذه الجريمة خلال الفترة الماضية والمستمرة إلى اللحظة هي جهود ملحوظة ومقدرة، بدءًا من الجهات المعنية المختصة بهذه الجريمة (جهاز شرطة عُمان السلطانية، هيئة الادعاء العام، المركز الوطني للسلامة المعلوماتية)، والآليات الحمائية والتشريعات الخاصة كقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وانتهاءً بمؤسسات المجتمع المدني والمبادرات الفردية التي لها تأثيرها القوي على المجتمع بصورة مباشرة؛ إلا أن هذه الجهود لابد أن تستمر وذلك من خلال مواكبتها لتطورات التي تلحق بالتقنيات الحديثة، فآخر مظاهر تلك المواكبة كانت إنشاء مركز الدفاع الالكتروني في سلطنة عُمان وذلك إيمانًا بأن الأمن الإلكتروني يصب في مصلحة الأمن القومي، وهذا الأمر يستدعي تجديد مطالبة تحديث منظومة التشريعات كذلك وتحديثها حتى تمضي هي الأخرى معًا في إحداث نتائج وتأثير.